كل ذلك يدلنا على أن الحق حين خلق الخلق، وضع لهم المنهج الذي يضمن لهم السلامة والأمن في كل أطوار هذه الحياة، فإن رأيت خللاً أو اضطراباً في الكون، أو رأيت خوفاً أو قلقاً فاعلم أن منهجاً من مناهج الإسلام قد عطل. والحق سبحانه وتعالى حينما يأمرنا أن ندخل في السلم كافة فهو سبحانه يحذرنا أننا إن زللنا عن المنهج فإن الله عزيز حكيم فلا يغلبه أحد، ولا يقدر عليه أحد، فهو القادر القوي الذي يجري كل شيء بحكمة، فلا تظنوا أنكم بذلك تسيئون إلى الله بالزلل عن منهجه، وإنما تسيئون إلى أنفسكم وإلي أبناء جنسكم ؛ لأن الله لا يغلب.
وينبهنا الحق سبحانه تنبيها آخر، إنه يلفتنا إلى أننا لا نملك أمر الساعة، فالساعة تأتي بغتة ومفاجئة، وصاخة طامة، مرجفة مزلزلة. فاحذروا أن تصيبكم هذه الرجفة وأنتم في غفلة عنها. وكل ذلك لندخل أيضا في السلام في اليوم الآخر، وكأن الحق سبحانه يلفتنا إلى أن كلمات القرآن ليست مجرد كلمات نظرية، ولكنها الحكيم الخبير التي حكمت تاريخ الأمم التي سبقت دعوة محمد صلى الله عليه وسلم. فكم من آيات أرسلها الحق إلى بني إسرائيل فتلكأوا وكان منهم ما كان، وشقوا هم، وشقي بهم المجتمع، إذن فالكلام ليس كلاماً نظرياً. ويريد الله لنا أن ننظر بعمق إلى أمور الحياة، وألا ننظر إلى سطحيات الأمور، فيجب ألا تخدعنا زينة الحياة الدنيا عن الحياة الآخرة ؛ لأن الحياة الدنيا أمدها قصير، وعلينا أن نقيس عمر الدنيا بأعمارنا منها، وأعمارنا فيها قصيرة ؛ لأن منا من يموت كبيراً ومنا من يموت صغيراً.


الصفحة التالية
Icon