وبعد ذلك يطلب الحق منك أيها المسلم أن تحافظ على حركة الحياة، بأن تقدر للعاجز عن هذه الحركة نصيباً من حركته ؛ لذلك فعليك أن تتحرك في الحياة حركة تسعك، وتسع من تعول، وتسع العاجز عن الحركة. وبذلك تؤمن السماء كل عاجز عن الحركة بحركة المتحركين من إخوانه المؤمنين، وهو سبحانه يطمئنك بأنك إذا فعلت ذلك وأمنت العاجز، فهو ـ جل وعلا ـ يؤمنك حين يطرأ عليك العجز. لقد جعل الله سبحانه حالة الحياة دولاً بين الناس، فلا يوجد قوم قادرون دائماً ولا قوم عاجزين دائماً، بل يجعل الحق من القادرين بالأمس عاجزين اليوم ؛ ومن العاجزين بالأمس قادرين اليوم ؛ حتى تتوزع الحركة في الوجود. وحتى يعلم كل منا أن الله يطلب منك حين تقدر ؛ ليعطيك حين تعجز. لذلك طلب منا أن ننفق، والنفقة على الغير لا تتأتى إلا بعد استيفاء الإنسان ضروريات حياته، فكأن الحق يقول لك : إن عليك أن تتحرك في الحياة حركة تسعك وتسع أن تنفق على من تعول، وإلا لو تحركت حركة على قدرك فقد لا تجد ما تنفقه.
وبعد ذلك يكلفنا سبحانه بأن كل مؤمن عليه أن يأخذ مسئولية الإنفاق على الدائرة القريبة منه ؛ ليتحمل كل موجود في الحياة مسئولية قطاع من المجتمع مربوط به رباطا نسبياً ؛ كالوالدين والأقربين. وأن نجعل الضعفاء من الأيتام مشاعاً على المجتمع مطلوبين من الجميع. سواءً كانت تربطهم بنا قرابة أو لا تربطنا بهم قرابة فهم جميعاً أقاربنا ؛ لأن الله كلفنا بأن نرعاهم.