وقوله تعالى :﴿وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ﴾، يقال : إِنّه خوطب به ليلة أُسرى به، فجُمع بينه وبين الأَنبياءِ - صولات الله عليهم - فأَمّهم، وصلَّى بهم، فقيل له : فسَلْهُمْ. وقيل : معناه : سل أُمَم مَنْ أَرسلنا، فيكون السّؤال ههنا على جهة التقرير. وقيل : الخطاب للنبىّ صلَّى الله عليه وسلم والمراد به الأُمَة، أَى وسلوا، كقوله تعالى :﴿ياأيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ﴾.
وقوله تعالى :﴿فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ﴾ أَى لا يسأَل سؤال استعلام، لكن سؤال تقرير وإِيجاب للحجّة عليهم. وقوله تعالى :﴿وَعْداً مَّسْئُولاً﴾ هو قول الملائكة :/ ﴿رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَّهُمْ﴾ وقوله :﴿سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ أَى دعا داعٍ، يعنى قولَ نَضْر بن الحارث ﴿اللَّهُمَّ إِن كَانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ﴾ الآية. والباءُ فى (بعَذَاب) بمعنى عن، أَى عن عذاب.
ورجل سُؤَلة - مثال تُؤدَة - : كثير السّؤال. وأَسأَلته سؤْلته ومسأَلته : أَى قضيت حاجته. وتساءَلوا، أَى سأَل بعضهم بعضاً. وقرأَ الكوفيون
﴿تَسَآءَلُونَ﴾ بالتخفيف، والباقون بالتَّشديد أَى تتساءَلون، أَى الَّذى تطلبون به حقوقكم، وهو كقولك، نَشَدتك بالله أَى سأَلتك بالله.
فإِن قلت : كيف يصحّ أَن يقال : السّؤال استدعاء المعرفة، وملعوم أَنَّ الله تعالى يَسأَل عبادهُ ؟.
قيل : إِنَّ ذلك سؤال لتعريف القوم وتبكيتهم، لا لتعريف الله تعالى ؛ فإِنَّهُ علاَّم الغيوب، فليس يخرج من كونه سؤال المعرفة، والسؤال للمعرفة قد يكون تارة للاستعلام، وتارة للتبكيت، وتارة لتعريف المسئول وتنبيهه، لا ليخبِر ويُعلم، وهذا ظاهر. وعلى التبكيت قوله تعالى :﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ﴾.