الوجه الثالث : الروايات المشهورة في أن سبب نزول هذه الآية اختلافهم في أنه هل يجوز إتيانها من دبرها في قبلها، وسبب نزول الآية لا يكون خارجاً عن الآية فوجب كون الآية متناولة لهذه الصورة، ومتى حملناها على هذه الصورة لم يكن بنا حاجة إلى حملها على الصورة الأخرى فثبت بهذه الوجوه أن المراد من الآية ليس ما ذكروه، وعند هذا نبحث عن الوجوه التي تمسكوا بها على التفصيل.
أما الوجه الأول : فقد بينا أن قوله :﴿فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ﴾ معناه : فأتوه موضع الحرث.
وأما الثاني : فإنه لما كان المراد بالحرث في قوله :﴿فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ﴾ ذلك الموضع المعين لم يكن حمل ﴿أنى شِئْتُمْ﴾ على التخيير في مكان، وعند هذا يضمر فيه زيادة، وهي أن يكون المراد من ﴿أنى شِئْتُمْ﴾ فيضمر لفظة : من، لا يقال ليس حمل لفظ الحرث على حقيقته، والتزام هذا الإضمار أولى من حمل لفظ الحرث على المرأة على سبيل المجاز، حتى لا يلزمنا هذا الإضمار لأن نقول : بل هذا أولى، لأن الأصل في الأبضاع الحرمة.
وأما الثالث : فجوابه : أن قوله :﴿إِلاَّ على أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم﴾ [ المؤمنون : ٦ ] عام، ودلائلنا خاصة، والخاص مقدم على العام.
وأما الرابع : فجوابه : أن قوله : دبرك على حرام، إنما صلح أن يكون كناية عن الطلاق، لأنه محل لحل الملابسة والمضاجعة، فصار ذلك كقوله : يدك طالق، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٦١ ـ ٦٣﴾
قال القرطبى :


الصفحة التالية
Icon