وقال عبد الحكيم : معطوف على جملة ﴿قل﴾ [ البقرة : ٢٢٢ ] بتقدير قل أي : وقل لا تجعلوا الله عرضة أو على قوله :﴿وقدموا﴾ [ البقرة : ٢٢٣ ] إن جعل قوله :﴿وقدموا﴾ من جملة مقول ﴿قل﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٧٥ ـ ٣٧٦﴾
قال القرطبى :
قال العلماء : لما أمر الله تعالى بالإنفاق وصحبة الأيتام والنساء بجميل المعاشرة قال : لا تمتنعوا عن شيء من المكارم تعلّلا بأنا حلفنا ألا نفعل كذا ؛ قال معناه ابن عباس والنخعيّ ومجاهد والربيع وغيرهم. قال سعيد بن جبير : هو الرجل يحلف ألا يَبرّ ولا يصِلَ ولا يُصلِح بين الناس ؛ فيقال له : بَرّ ؛ فيقول : قد حلفت. وقال بعض المتأولين : المعنى ولا تحلفوا بالله كاذبين إذا أردتم البِر والتقوى والإصلاح ؛ فلا يحتاج إلى تقدير " لا" بعد " أن". وقيل : المعنى لا تستكثروا من اليمين بالله فإنه أهيب للقلوب ؛ ولهذا قال تعالى :﴿واحفظوا أَيْمَانَكُمْ﴾ [ المائدة : ٨٩ ]. وذمّ من كثّر اليمين فقال تعالى :﴿وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ﴾ [ القلم : ١٠ ] والعرب تمتدِح بقلة الأيْمان ؛ حتى قال قائلهم :
قليلُ الألاَيَا حافِظٌ ليمينه... وإن صدرت منه الأليّةُ بَرَّتِ
وعلى هذا " أن تبروا" معناه : أقِلّوا الأيمان لما فيه من البرّ والتقوى ؛ فإن الإكثار يكون معه الحِنثُ وقلة رَعْى لحق الله تعالى : وهذا تأويل حسن. مالك بن أنس : بلغني أنه الحلِف بالله في كل شيء. وقيل : المعنى لا تجعلوا اليمين مبتذَلَة في كل حق وباطل. وقال الزجاج وغيره : معنى الآية أن يكون الرجل إذا طلب منه فعل خير اعتل بالله فقال : عليّ يمين ؛ وهو لم يحلف. القتبيّ : المعنى إذا حلفتم على ألا تصِلوا أرحامكم ولا تتصدّقوا ولا تصلحوا، وعلى أشباه ذلك من أبواب البِر فكفروا اليمين.
قلت : وهذا حسن لما بيناه، وهو الذي يدل عليه سبب النزول. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٩٧﴾
قال الفخر :