المسألة الأولى : قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، ويعقوب الحضرمي، وأبو بكر عن عاصم ( حتى يطهرن ) خفيفة من الطهارة، وقرأ حمزة والكسائي ﴿يَطْهُرْنَ﴾ بالتشديد، وكذلك حفص عن عاصم، فمن خفف فهو زوال الدم لأن يطهرن من طهرت امرأة من حيضها، وذلك إذا انقطع الحيض، فالمعنى : لا تقربوهن حتى يزول عنهن الدم، ومن قرأ :﴿يَطْهُرْنَ﴾ بالتشديد فهو على معنى يتطهرن فأدغم كقوله :﴿يأَيُّهَا المزمل﴾ [ المزمل : ١ ]، و﴿يا أيها المدثر﴾ [ المدثر : ١ ] أي المتزمل والمتدثر وبالله التوفيق.
المسألة الثانية : أكثر فقهاء الأمصار على أن المرأة إذا انقطع حيضها لا يحل للزوج مجامعتها إلا بعد أن تغتسل من الحيض، وهذا قول مالك والأوزاعي والشافعي والثوري، والمشهور عن أبي حنيفة أنها إن رأت الطهر دون عشرة أيام لم يقربها زوجها، وإن رأته لعشرة أيام جاز أن يقربها قبل الاغتسال. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٥٩﴾
قال ابن عاشور :
وقوله :﴿ولا تقربوهن حتى يطهرن﴾ جاء النهي عن قربانهن تأكيداً للأمر باعتزالهن وتبييناً للمراد من الاعتزال وإنه ليس التباعد عن الأزواج بالأبدان كما كان عند اليهود بل هو عدم القِربان، فكان مقتضى الظاهر أن تكون جملة ﴿ولا تقربوهن﴾ مفصولة بدون عطف، لأنها مؤكدة لمضمون جملة ﴿فاعتزلوا النساء في المحيض﴾ ومبينة للاعتزال وكلا الأمرين يقتضي الفصل، ولكن خولف مقتضى الظاهر اهتماماً بهذا الحكم ليكون النهي عن القربان مقصوداً بالذات معطوفاً على التشريعات.


الصفحة التالية
Icon