ثم ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين فقال :﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ﴾ أي : لجميع الأصوات ﴿عَلِيمٌ﴾ بالمقاصد والنيات، ومنه سماعه لأقوال الحالفين، وعلمه بمقاصدهم هل هي خير أم شر، وفي ضمن ذلك التحذير من مجازاته، وأن أعمالكم ونياتكم، قد استقر علمها عنده. أ هـ ﴿تفسير السعدى صـ ١٠٠﴾
من فوائد ابن عرفة فى الآية
قوله تعالى :﴿وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ...﴾.
قيل : أي مانعا من أيمانكم. وأطلق اليمين على المحلوف عليه مجازا، أي لا تجعلوه مانعا من فعل ما حلفتم عليه، وقيل أي لا تكثروا الحلف به وإن كان ذلك تعظيما له خشية أن يفضي بكم ذلك إلى التهاون وعدم التعظيم فأحرى فيما عداها.
قال ابن عرفة : وعلى الوجه الأول يكون في الآية عندي دليل على أنّ الاسم غير المسمّى لأن الجعل لا يتعلق بالذات الكريمة، وإنّما يتعلق بالألفاظ الدّالة عليها بخلاف قولك : جعلت زيدا حائلا بيني وبين كذا. وكذلك أيضا على الثاني لأن الحلف إنّما هو بالألفاظ لا بالذات.
قال ابن عرفة : وقول الله تعالى :﴿أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ...﴾.
قيل إرادة البرّ، وقيل أي إرادة أن تكونوا أبرارا فعلى الأول تكون ترقيا، لأن التقوى أخص من البر، والإصلاح بين الناس أخص. أ هـ ﴿تفسير ابن عرفة حـ ٢ صـ ٦٤٩﴾
فائدة
قال صاحب البحر المديد :
كثرة الحلف مذموم يدل على الخفة والطيش، وعدم الحلف بالكلية تعسف، وخيرُ الأمور أوساطها، كان عليه الصلاة والسلام يحلف في بعض أحيانه، يقول :" لاَ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ " " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ " والله تعالى أعلم. أ هـ ﴿البحر المديد حـ ١ صـ ٢٥٥﴾


الصفحة التالية
Icon