ولما كانت أفعال الإنسان في الشهوات تقرب من فعل من عنده شك احتيج إلى مزيد وعظ فقال :﴿واتقوا الله﴾ أي اجعلوا بينكم وبين ما يكرهه الملك الأعظم من ذلك وغيره وقاية من الحلال أو المشتبه.
وزاد سبحانه وتعالى في الوعظ والتحذير بالتنبيه بطلب العلم وتصوير العرض فقال :﴿واعلموا أنكم ملاقوه﴾ وهو سائلكم عن جميع ما فعلتموه من دقيق وجليل وصالح وغيره فلا تقعوا فيما تستحيون منه إذا سألكم فهو أجل من كل جليل. قال الحرالي : وفيه إشعار بما يجري في أثناء ذلك من الأحكام التي لا يصل إليها أحكام حكام الدنيا مما لا يقع الفصل فيه إلا في الآخرة من حيث إن أمر ما بين الزوجين سر لا يفشى، قال عليه الصلاة والسلام :" لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته " وقال :" لا أحب للمرأة أن تشكو زوجها " فأنبأ تعالى أن أمر ما بين الزوجين مؤخر حكمه إلى لقاء الله عز وجل حفيظة على ما بين الزوجين ليبقى سراً لا يظهر أمره إلا الله تعالى، وفي إشعاره إبقاء للمروة في أن لا يحتكم الزوجان عند حاكم في الدنيا وأن يرجع كل واحد منهما إلى تقوى الله وعلمه بلقاء الله - انتهى.
ولما كان هذا لا يعقله حق عقله كل أحد أشار إلى ذلك بالالتفات إلى أكمل الخلق فقال عاطفاً على ما تقديره : فأنذر المكذبين فعلاً أو قولاً، قوله تعالى :﴿وبشر المؤمنين ﴾ أي الذين صار لهم الإيمان وصفاً راسخاً تهيؤوا به للمراقبة، وهو إشارة إلى أن مثل هذا من باب الأمانات لا يحجز عنه إلا الإخلاص في الإيمان والتمكن فيه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٢٢ ـ ٤٢٤﴾
سبب نزول الآية
قال القرطبى :