قال تعالى :﴿وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو أَعْرَضُواْ عَنْهُ﴾ [ القصص : ٥٥ ] فبين أنه تعالى لا يؤاخذ بترك هذه الأيمان، ثم قال :﴿ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ أي بإقامتكم على ذلك الذي حلفتم عليه من ترك الطاعة وفعل المعصية، قالوا : وهذا التأويل مناف لقوله عليه السلام :" من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير ثم ليكفر " وهذا التأويل ضعيف من وجهين الأول : هو أن المؤاخذة المذكورة في هذه الآية صارت مفسرة في آية المائدة بقوله تعالى :﴿ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأيمان فَكَفَّارَتُهُ﴾ [ المائدة : ٨٩ ] ولما كان المراد بالمؤاخذة إيجاب الكفارة وههنا الكفارة واجبة، علمنا أن المراد من الآية ليس هو هذه الصورة الثاني : أنه تعالى جعل المقابل للغو هو كسب القلب، ولا يمكن تفسيره بما ذكره من الإصرار على الشيء الذي حلفوا عليه لأن كسب القلب مشعر بالشروع في فعل جديد، فأما الاستمرار على ما كان فذلك لا يسمى كسب القلب.
القول الرابع : في تفسير يمين اللغو : أنها اليمين المكفرة سميت لغواً لأن الكفارة أسقطت الإثم، فكأنه قيل : لا يؤاخذكم الله باللغو إذا كفرتم، وهذا قول الضحاك.
القول الخامس : وهو قول القاضي : أن المراد به ما يقع سهواً غير مقصود إليه، والدليل عليه قوله تعالى بعد ذلك :﴿ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ أي يؤاخذكم إذا تعمدتم، ومعلوم أن المقابل للعمد هو السهو. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٦٧ ـ ٦٨﴾


الصفحة التالية
Icon