الجواب : قال الشيخ عبد القاهر الجرجاني في كتاب " دلائل الإعجاز" : إنك إذا قدمت الاسم فقلت : زيد فعل فهذا يفيد من التأكيد والقوة ما لا يفيده قولك : فعل زيد، وذلك لأن قولك : زيد فعل يستعمل في أمرين أحدهما : أن يكون لتخصيص ذلك الفاعل بذلك الفعل، كقولك : أنا أكتب في المهم الفلاني إلى السلطان، والمراد دعوى الإنسان الانفراد الثاني : أن لا يكون المقصود ذلك، بل المقصود أن تقديم ذكر المحدث عنه بحديث كذا لإثبات ذلك الفعل، كقولهم : هو يعطي الجزيل لا يريد الحصر، بل أن يحقق عند السامع أن إعطاء الجزيل دأبه ومثله قوله تعالى :﴿والذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقون﴾ [ النحل : ٢٠ ] ليس المراد تخصيص المخلوقية وقوله تعالى :﴿وَإِذَا جَاءوكُمْ قَالُواْ ءَامَنَّا وَقَدْ دَّخَلُواْ بالكفر وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ﴾ [ المائدة : ٦١ ] وقول الشاعر :
هما يلبسان المجد أحسن لبسة.. شجيعان ما اسطاعا عليه كلاهما
والسبب في حصول هذا المعنى عند تقديم ذكر المبتدأ أنك إذا قلت : عبد الله، فقد أشعرت بأنك تريد الأخبار عنه، فيحصل في العقل شوق إلى معرفة ذلك فإذا ذكرت ذلك الخبر قبله العقل قبول العاشق لمعشوقه، فيكون ذلك أبلغ في التحقيق ونفي الشبهة.
السؤال الرابع : هلا قيل : يتربصن ثلاثة قروء كما قيل :﴿تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ [ البقرة : ٢٢٦ ] وما الفائدة في ذكر الأنفس.
الجواب : في ذكر الأنفس تهييج لهن على التربص وزيادة بعث، لأن فيه ما يستنكفن منه فيحملهن على أن يتربصن، وذلك لأن أنفس النساء طوامح إلى الرجال فأراد أن يقمعن أنفسهن ويغلبنها على الطموح ويخبرنها على التربص.
السؤال الخامس : لفظ ( أنفس ) جمع قلة، مع أنهن نفوس كثيرة، والقروء جمع كثرة، فلم ذكر جمع الكثرة مع أن المراد هذه القروء الثلاثة وهي قليلة.


الصفحة التالية
Icon