وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر﴾ شرط أريد به التهديد دون التقييد، فهو مستعمل في معنى غير معنى التقييد، على طريقة المجاز المرسل التمثِيلي، كما يستعمل الخبر في التحسر والتهديد، لأنه لا معنى لتقييد نفي الحمل بكونهن مؤمنات، وإن كان كذلك في نفس الأمر، لأن الكوافر لا يمتثلن لحكم الحلال والحرام الإسلامي، وإنما المعنى أنهن إن كتمن فهن لا يؤمن بالله واليوم الآخر ؛ إذ ليس من شأن المؤمنات هذا الكتمان.
وجيء في هذا الشرط بإنْ، لأنها أصل أدوات الشرط، ما لم يكن هنالك مقصد لتحقيق حصول الشرط فيؤتى بإذا، فإذا كان الشرط مفروضاً، فرضاً لا قصد لتحقيقه ولا لعدمه جيء بإن.
وليس لأنْ هنا، شيء من معنى الشك في حصول الشرط، ولا تنزيل إيمانهن المحقق منزلة المشكوك، لأنه لا يستقيم، خلافاً لما قرره عبد الحكيم.
والمراد بالإيمان بالله واليوم الآخر الإيمان الكامل، وهو الإيمان بما جاء به دين الإسلام، فليس إيمان أهل الكتاب بالله واليوم الآخر بمراد هنا ؛ إذ لا معنى لربط نفي الحمل في الإسلام بثبوت إيمان أهل الكتاب.
وليس في الآية دليل على تصديق النساء في دعوى الحمل والحيض كما يجري على ألسنة كثير من الفقهاء، فلا بد من مراعاة أن يكون قولهن مشبهاً، ومَتَى ارتيب في صدقهن وجب المصير إلى ما هو المحقق، وإلى قول الأطباء والعارفين.
ولذلك قال مالك :" لو ادعت ذات القروء انقضاء عدتها في مدة شهر من يوم الطلاق لم تصدق، ولا تصدق في أقل من خمسة وأربعين يوماً مع يمينها" وقال عبد الملك : خمسون يوماً، وقال ابن العربي : لا تصدق في أقل من ثلاثة أشهر، لأنه الغالب في المدة التي تحصل فيها ثلاثة قروء. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٩٢ ـ ٣٩٣﴾
وقال العلامة الخازن :
وفي سبب وعيد النساء بهذا قولان
أحدهما أنه لأجل ما يستحقه الزوج من الرجعة. قاله ابن عباس :
والثاني أنه لأجل إلحاق الولد بغير أبيه قاله قتادة