قال مالك :" لا يجوز للمطلق أن يستمتع بمطلقته الرجعية، ولا أن يدخل عليها بدون إذن، ولو وطئها بدون قصدِ مراجعةٍ أَثم، ولكن لا حد عليه للشبهة، ووجب استبراؤها من الماء الفاسد، ولو كانت رابعة لم يكن له تزوج امرأة أخرى، ما دامت تلك في العدة".
وإنما وجبت لها النفقة لأنها محبوسة لانتظار مراجعته، ويشكل على قولهم إن عثمان قضى لها بالميراث إذا مات مطلِّقها وهي في العدة ؛ قضى بذلك في امرأة عبد الرحمن بن عوف، بموافقة عليَ، رواه في " الموطأ"، فيُدفع الإشكال بأن انقضاء العدة شرط في إنفاذ الطلاق، وإنفاذ الطلاق مانع من الميراث، فما لم تنقض العدة فالطلاق متردد بين الإعمال والإلغاء، فصار ذلك شكاً في مانع الإرث، والشك في المانع يبطل إعماله.
وحمل أبو حنيفة والليث بن سعد البعولة على الحقيقة، فقالا " الزوجية مستمرة بين المطلق الرجعي ومطلَّقته ؛ لأن الله سماهم بعُولة" وسوغا دخول الطلاق عليها، ولو وطئها فذلك ارتجاع عند أبي حنيفة.
وقال به الأوزاعي والثوري وابن أبي ليلى، ونسب إلى سعيد بن المسيب والحسن والزهري وابن سيرين وعطاء وبعض أصحاب مالك.
وأحسب أن هؤلاء قائلون ببقاء الزوجية بين المطلق ومطلقته الرجعية.
و( أحق ) قيل : هو بمعنى اسم الفاعل مسلوب المفاضلة، أتى به لإفادة قوة حقهم، وذلك مما يستعمل فيه صيغة أفعل، كقوله تعالى :﴿ولذكر الله أكبر﴾ [ العنكبوت : ٤٥ ] لا سيما إن لم يذكر بعدها مفضل عليه بحرف من، وقيل : هو تفضيل على بابه، والمفضل عليه محذوف، أشار إليه في " الكشاف"، وقرره التفتازاني بما تحصيله وتبيينه : أن التفضيل بين صنفي حق مختلفين باختلاف المتعلق : هما حق الزوج في الرجعة إن رغب فيها، وحق المرأة في الامتناع من المراجعة إن أبتها، فصار المعنى : وبعولتهن أحق برد المطلقات، من حق المطلقات بالامتناع وقد نسج التركيب على طريقة الإيجاز.


الصفحة التالية
Icon