ولكنه أشار في موضع آخر إلى أن البائن لا رجعة له عليها، وذلك في قوله تعالى :﴿ياأيها الذين آمنوا إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [ الأحزاب : ٤٩ ].
وذلك لأن الطلاق قبل الدخول بائن، كما أنه أشار هنا إلى أنها إذا بانت بانقضاء العدة لا رجعة له عليها، وذلك في قوله تعالى :﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ]. لأن الإشارة بقوله :﴿ذَلِكَ﴾ راجعة إلى زمن العدة المعبر عنه في الآية بثلاثة قروء.
واشترط هنا في كون بعولة الرجعيات أحق بردهن إرادتهم الإصلاح بتلك الرجعة، في قوله :﴿إِنْ أرادوا إِصْلاَحاً﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ] ولم يتعرض لمفهوم هذا الشرط هنا، ولكنه صرح في مواضع أخر : أن زوج الرجعية إذا ارتجعها لا بنية الإصلاح بل بقصد الإضرار بها. لتخالعه أو نحو ذلك، أن رجعتها حرام عليه، كما هو مدلول النهي في قوله تعالى :﴿وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تتخذوا آيَاتِ الله هُزُواً﴾ [ البقرة : ٢٣١ ].
فالرجعة بقصد الإضرار حرام إجماعاً، كما دل عليه مفهوم الشرط المصرح به في قوله ﴿وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً﴾ [ البقرة : ٢٣١ ] الآية وصحة رجعته حينئذ باعتبار ظاهر الأمر، فلو صرح للحاكم بأنه ارتجعها بقصد الضرر، لأبطل رجعته كما ذكرنا، والعلم عند الله تعالى. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ١ صـ ١٠٢ ـ ١٠٣﴾
قوله تعالى :﴿إِنْ أَرَادُواْ إصلاحا﴾
قال ابن عاشور :
وقوله :﴿إن أرادوا إصلاحاً﴾ شرط قصد به الحث على إرادة الإصلاح، وليس هو للتقييد.