ولما اخرج أمر الرجعة عنهن جبرهن بقوله :﴿ولهن﴾ أي من الحقوق ﴿مثل الذي عليهن﴾ أي في كونه حسنة في نفسه على ما يليق بملك منهما لا في النوع، فكما للرجال الرجعة قهراً فلهن العشرة بالجميل، وكما لهم حبسهن فلهن ما يزيل الوحشة بمن يؤنس ونحو ذلك. ولما كان كل منهما قد يجور على صاحبه قال :﴿بالمعروف﴾ أي من حال كل منهما. قال الحرالي : والمعروف ما أقره الشرع وقبله العقل ووافقه كرم الطبع - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٢٩﴾
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الذى عَلَيْهِنَّ﴾ فاعلم أنه تعالى لما بين أنه يجب أن يكون المقصود من المراجعة إصلاح حالها، لا إيصال الضرر إليها بين أن لكل واحد من الزوجين حقاً على الآخر.
واعلم أن المقصود من الزوجين لا يتم إلا إذا كان كل واحد منهما مراعياً حق الآخر، وتلك الحقوق المشتركة كثيرة، ونحن نشير إلى بعضها فأحدها : أن الزوج كالأمير والراعي، والزوجة كالمأمور والرعية، فيجب على الزوج بسبب كونه أميراً وراعياً أن يقوم بحقها ومصالحها، ويجب عليها في مقابلة ذلك إظهار الانقياد والطاعة للزوج وثانيها : روي عن ابن عباس أنه قال :" إني لأتزين لأمرأتي كما تتزين لي" لقوله تعالى :﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الذى عَلَيْهِنَّ﴾ وثالثها : ولهن على الزوج من إرادة الإصلاح عند المراجعة، مثل ما عليهن من ترك الكتمان فيما خلق الله في أرحامهن، وهذا أوفق لمقدمة الآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٨١﴾
قال الماوردى :
قوله تعالى :﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : ولهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن، مثل الذي عليهن من الطاعة، فيما أوجبه الله تعالى عليهن لأزواجهن، وهو قول الضحاك.
والثاني : ولهن على أزواجهن من التصنع والتزين، مثل ما لأزواجهن، وهو قول ابن عباس.