وأشار بقوله ﴿وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [ النساء : ٣٤ ] إلى أن الكامل في وصفه وقوته وخلقته يناسب حاله، أن يكون قائماً على الضعيف الناقص خلقة.
ولهذه الحكمة المشار إليها جعل ميراثه مضاعفاً على ميراثها. لأن من يقوم على غيره مترقت للنقص، ومن يقوم عليه غيره مترقب للزيادة، وإيثار مترقب النقص على مترقب الزيادة ظاهر الحكمة.
كما أنه أشار إلى حكمة كون الطلاق بيد الرجل دون إذن المرأة بقوله ﴿نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ﴾ [ البقرة : ٢٢٣ ] : لأن من عرف أن حقله غير مناسب للزراعة لا ينبغي أن يرغم على الازدراع في حقل لا يناسب الزراعة. ويوضح هذا لمعنى أن آلة الازدراع بيد الرجل، فلو أكره على البقاء مع من لا حاجة له فيها حتى ترضى بذلك، فإنها إن أرادت أن تجامعه لا يقوم ذكره، ولا ينتشر إليها، فلم تقدر على تحصيل النسل منه، الذي هو أعظم الغرض من النكاح بخلاف الرجل، فإنه يولدها وهي كارهة كما هو ضروري. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ١ صـ ١٠٣ ـ ١٠٤﴾
وقال أبو حيان :
﴿وَلِلرّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ أي : مزية وفضيلة في الحق، أتى بالمظهر عوض المضمر إذ كان لو أتى على المضمر لقال : ولهم عليهنّ درجة، للتنويه بذكر الرجولية التي بها ظهرت المزية للرجال على النساء، ولما كان يظهر في الكلام بالإضمار من تشابه الألفاظ، وأنت تعلم ما في ذاك، إذ كان يكون : ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف ولهم عليهنّ درجة، ولقلق الإضمار حذف مضمران ومضافان من الجملة الأولى. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٠٠﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن فضل الرجل على المرأة أمر معلوم، إلا أن ذكره ههنا يحتمل وجهين الأول : أن الرجل أزيد في الفضيلة من النساء في أمور أحدها :
العقل
والثاني : في الدية
والثالث : في المواريث
والرابع : في صلاحية الإمامة والقضاء والشهادة


الصفحة التالية
Icon