وفي حديث الهجرة أن النبي ﷺ لما قدم المدينة مع أصحابه، وآخى بين المهاجرين والأنصار، آخى بين عبد الرحمن بن عوف وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فعَرض سعد بن الربيع على عبد الرحمن أن يناصفه ماله وقال له " انظر أي زوجتيَّ شئتَ أنْزِلْ لك عنها" فقال عبد الرحمن " بارك الله لك في أهلك ومالك" الحديث.
فلما جاء الإسلام بالإصلاح، كان من جملة ما أصلحه من أحوال البشر كافة، ضبط حقوق الزوجين بوجه لم يبق معه مدخل للهضيمة حتى الأشياءُ التي قد يخفى أمرها قد جُعل لهَا التحكيم قال تعالى :﴿وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريداً إصلاحاً يوفق الله بينهما﴾ [ النساء : ٣٥ ] وهذا لم يكن للشرائع عهد بمثله.
وأول إعلام هذا العدل بين الزوجين في الحقوق، كان بهاته الآية العظيمة، فكانت هذه الآية من أول ما أنزل في الإسلام.
والمثل أصله النظير والمشابه، كالشبه والمثل، وقد تقدم ذلك في قوله تعالى :﴿مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً﴾ [ البقرة : ١٧ ]، وقد يكون الشيء مثلاً لشيء في جميع صفاته وقد يكون مثلاً له في بعض صفاته.
وهي وجه الشبه.
فقد يكون وجه المماثلة ظاهراً فلا يحتاج إلى بيانه، وقد يكون خفياً فيحتاج إلى بيانه، وقد ظهر هنا أنه لا يستقيم معنى المماثلة في سائر الأحوال والحقوق : أجناساً أو أنواعاً أو أشخاصاً ؛ لأن مقتضى الخلقة، ومقتضى المقصد من المرأة والرجل، ومقتضى الشريعة، التخالف بين كثير من أحوال الرجال والنساء في نظام العمران والمعاشرة.