وتفاصيل هاته المماثلة، بالعين أو بالغاية، تؤخذ من تفاصيل أحكام الشريعة، ومرجعها إلى نفي الإضرار، وإلى حفظ مقاصد الشريعة من الأمة، وقد أومأ إليها قوله تعالى :﴿بالمعروف﴾ أي لهن حق متلبساً بالمعروف، غير المنكر، من مقتضى الفطرة، والآداب، والمصالح، ونفي الإضرار، ومتابعة الشرع.
وكلها مجال أنظار المجتهدين.
ولم أر في كتب فروع المذاهب تبويباً لأبواب تجمع حقوق الزوجين.
وفي " سنن أبي داود"، و" سنن ابن ماجه"، بابان أحدهما لحقوق الزوج على المرأة، والآخر لحقوق الزوج على الرجل، باختصار كانوا في الجاهلية يعدون الرجل مولى للمرأة فهي ولية كما يقولون، وكانوا لا يدخرونها تربية، وإقامة وشفقة، وإحساناً، واختيار مصير، عند إرادة تزويجها، لما كانوا حريصين عليه من طلب الأكفاء، بيد أنهم كانوا مع ذلك لا يرون لها حقاً في مطالبة بميراث ولا بمشاركة في اختيار مصيرها، ولا بطلب ما لها منهم، وقد أشار الله تعالى إلى بعض أحوالهم هذه في قوله :﴿وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء التي لا تؤتونهن ما كتب لهن﴾ [ النساء : ١٢٧ ] وقال :﴿فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن﴾ [ البقرة : ٢٣٢ ] فحدد الله لمعاملات النساء حدوداً، وشرع لهن أحكاماً، قد أعلنتها على الإجمال هذه الآية العظيمة، ثم فصلتها الشريعة تفصيلاً، ومن لطائف القرآن في التنبيه إلى هذا عطف المؤمنات على المؤمنين عند ذكر كثير من الأحكام أو الفضائل، وعطف النساء على الرجال.
وقوله :﴿بالمعروف﴾ الباء للملابسة، والمراد به ما تعرفه العقول السالمة، المجردة من الانحياز إلى الأهواء، أو العادات أو التعاليم الضالة، وذلك هو الحسن وهو ما جاء به الشرع نصاً أو قياساً، أو اقتضته المقاصد الشرعية أو المصلحة العامة، التي ليس في الشرع ما يعارضها.