ويؤخذ من الآية حكم حقوق الرجال غير الأزواج بلحن الخطاب، لمساواتهم للأزواج في صفة الرجولة التي كانت هي العلة في ابتزازهم حقوق النساء في الجاهلية فلما أسست الآية حكم المساواة والتفضيل، بين الرجال والنساء الأزواج إبطالاً لعمل الجاهلية، أخذنا منها حكم ذلك بالنسبة للرجال غير الأزواج على النساء، كالجهاد وذلك مما اقتضته القوة الجسدية، وكبعض الولايات المختلف في صحة إسنادها إلى المرأة، والتفضيل في باب العدالة، وولاية النكاح والرعاية، وذلك مما اقتضته القوة الفكرية، وضعفها في المرأة وسرعة تأثرها، وكالتفضيل في الإرث وذلك مما اقتضته رئاسة العائلة الموجبة لفرط الحاجة إلى المال، وكالإيجاب على الرجل إنفاق زوجه، وإنما عدت هذه درجة، مع أن للنساء أحكاماً لا يشاركهن فيها الرجال كالحضانة، تلك الأحكام التي أشار إليها قوله تعالى :﴿للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن﴾ [ النساء : ٣٢ ] لأن ما امتاز به الرجال كان من قبيل الفضائل.
فأما تأديب الرجل المرأة إذا كانا زوجين، فالظاهر أنه شرعت فيه تلك المراتب رعياً لأحوال طبقات الناس، مع احتمال أن يكون المراد من قوله :﴿والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن﴾ [ النساء : ٣٤ ] أن ذلك يجريه ولاة الأمور، ولنا فيه نظر عند ما نصل إليه إن شاء الله تعالى. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٩٦ ـ ٤٠٢﴾
قوله تعالى :﴿والله عَزِيزٌ حَكُيمٌ﴾
قال الفخر :
﴿والله عَزِيزٌ حَكُيمٌ﴾ أي غالب لا يمنع، مصيب أحكامه وأفعاله، لا يتطرق إليهما احتمال العبث والسفه والغلط والباطل.
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿والله عزيز حكيم﴾ العزيز : القوى، لأن العزة في كلام العرب القوة ﴿لَيُخْرِجَنَّ الأعز منها الأذل﴾ [ المنافقون : ٨ ] وقال شاعرهم :
وإنما العزة للكاثر
والحكيم : المتقن الأمور في وضعها، من الحكمة كما تقدم.


الصفحة التالية
Icon