إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا قَدْ قَالُوا :" لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ يَذْهَبَ وَقْتُ صَلَاةٍ " وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ :" الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّة فِي ذَلِكَ مِثْلُ الْمُسْلِمَةِ ".
وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ جَعَلَ الْأَقْرَاءَ الْحَيْضَ غَيْرَ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا :" الذِّمِّيَّةُ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، لَا غُسْلَ عَلَيْهَا، فَهِيَ فِي مَعْنَى مَنْ اغْتَسَلَتْ فَلَا تَنْتَظِرُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ شَيْئًا آخَرَ ".
وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ :" إذَا انْقَطَعَ مِنْ
الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ بَطَلَ الرَّجْعَةُ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْغُسْلُ ".
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ :" الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ، فَإِذَا طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَانَتْ وَانْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ حَصَلَ مِنْ اتِّفَاقِ السَّلَفِ وُقُوعُ اسْمِ الْأَقْرَاءِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ الْحَيْضِ وَمِنْ الْأَطْهَارِ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ اللَّفْظَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَمِلًا لَهُمَا لَمَا تَأَوَّلَهُ السَّلَفُ عَلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالْمَعْرِفَةِ بِمَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَمَا يَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ الْمَعَانِي مِنْ الْعِبَارَاتِ، فَلَمَّا تَأَوَّلَهَا فَرِيقٌ عَلَى الْحَيْضِ وَآخَرُونَ عَلَى الْأَطْهَارِ عَلِمْنَا وُقُوعَ الِاسْمِ عَلَيْهِمَا.


الصفحة التالية
Icon