وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى : وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقُرْءُ اسْمًا لِلِانْتِقَالِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْت لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَدْ سُمِّيَ بِهِ فِي الْأَصْلِ غَيْرُهُ عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ مِنْ الِانْتِقَالِ مِنْ طُهْرٍ إلَى حَيْضٍ ؛ إذْ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِاسْمٍ مَوْضُوعٍ لَهُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْقُولٌ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِذَا لَمْ يُسَمَّ شَيْءٌ مِنْ ضُرُوبِ الِانْتِقَالِ بِهَذَا الِاسْمِ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِاسْمٍ لَهُ.
وَأَيْضًا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ انْتِقَالُهَا مِنْ الطُّهْرِ إلَى الْحَيْضِ قُرْءًا ثُمَّ انْتِقَالُهَا مِنْ الْحَيْضِ إلَى الطُّهْرِ قُرْءًا ثَانِيًا ثُمَّ انْتِقَالُهَا مِنْ الطُّهْرِ الثَّانِي إلَى الْحَيْضِ قُرْءًا ثَالِثًا، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ ؛ إذْ لَيْسَ بِحَيْضٍ عَلَى أَصْلِك اسْمُ الْقُرْءِ بِالِانْتِقَالِ مِنْ الْحَيْضِ إلَى الطُّهْرِ دُونَ الِانْتِقَالِ مِنْ الطُّهْرِ إلَى الْحَيْضِ.
فَإِنْ قِيلَ : الظَّاهِرُ يَقْتَضِيهِ، إلَّا أَنَّ دَلَالَةَ الْإِجْمَاعِ
مَنَعَتْ مِنْهُ.
قِيلَ لَهُ : مَا أَنْكَرْت مِمَّنْ قَالَ لَك إنَّ الْمُرَادَ الِانْتِقَالُ مِنْ الْحَيْضِ إلَى الطُّهْرِ، إلَّا أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ لَمْ يُعْتَدَّ بِانْتِقَالِهَا مِنْ الْحَيْضِ إلَى الطُّهْرِ فِيهِ بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ، وَحُكْمُ اللَّفْظِ بَاقٍ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الِانْتِقَالَاتِ مِنْ الْحَيْضِ إلَى الطُّهْرِ ؟ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الِانْفِصَالُ مِمَّا ذَكَرْنَا وَتَعَارَضَا سَقَطَا وَزَالَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ.