فَيُقَالُ لَهُ : أَمَّا قَوْلُك " فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنَّ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ " فَإِنَّ اللَّامَ قَدْ تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ لِحَالٍ مَاضِيَةٍ وَمُسْتَقْبَلَةٍ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ﴾ يَعْنِي لِرُؤْيَةٍ مَاضِيَةٍ ؟ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا ﴾ يَعْنِي الْآخِرَةَ ؟ فَاللَّامُ هَهُنَا لِلِاسْتِقْبَالِ وَالتَّرَاخِي ؛ وَيَقُولُونَ : تَأَهَّبَ لِلشِّتَاءِ ؛ يَعْنِي وَقْتًا مُسْتَقْبَلًا مُتَرَاخِيًا عَنْ حَالِ التَّأَهُّبِ، وَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لِلْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ، وَمَتَى تَنَاوَلَ الْمُسْتَقْبَلَ فَلَيْسَ فِي مُقْتَضَاهُ وُجُودُهُ عَقِيبَ الْمَذْكُورِ بِلَا فَصْلٍ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَوَجَدْنَا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ عُمَرَ فِيهِ ذِكْرُ حَيْضَةٍ مَاضِيَةٍ وَالْحَيْضَةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ مَعْلُومَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَذْكُورَةً، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ :﴿ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيَدَعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا إنْ شَاءَ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ ﴾ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى الْحَيْضَةِ الْمَاضِيَةِ، فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا هِيَ الْحَيْضُ.