وَأَيْضًا فَيَلْزَمُك عَلَى هَذَا أَنْ تَقُولَ إنَّهَا لَوْ حَاضَتْ عَقِيبَ الطَّلَاقِ أَنْ تَكُونَ عِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ لِلُزُومِ الْإِحْصَاءِ عَقِيبَهُ، وَاَلَّذِي يَلِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ الْحَيْضُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْعِدَّةُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ : قَوْله تَعَالَى :﴿ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ مَعْنَاهُ : فِي عِدَّتِهِنَّ، كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ كَتَبَ لِغُرَّةِ الشَّهْرِ، مَعْنَاهُ : فِي هَذَا الْوَقْتِ.
وَهَذَا غَلَطٌ ؛ لِأَنَّ " فِي " هِيَ ظَرْفٌ، وَاللَّامُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَصَرِّفَةً عَلَى مَعَانٍ فَلَيْسَ فِي أَقْسَامِهَا الَّتِي تَتَصَرَّفُ عَلَيْهَا وَتَحْتَمِلُهَا كَوْنُهَا ظَرْفًا، وَالْمَعَانِي الَّتِي تَنْقَسِمُ إلَيْهَا لَامُ الْإِضَافَةِ خَمْسَةٌ : مِنْهَا لَامُ الْمِلْكِ، كَقَوْلِك :" لَهُ مَالٌ " وَلَامُ الْفِعْلِ كَقَوْلِك " لَهُ كَلَامٌ وَلَهُ حَرَكَةٌ " وَلَامُ الْعِلَّةِ كَقَوْلِك " قَامَ ؛ لِأَنَّ زَيْدًا جَاءَهُ، وَأَعْطَاهُ ؛ لِأَنَّهُ سَأَلَهُ " وَلَامُ النِّسْبَةِ كَقَوْلِك " لَهُ أَبٌ وَلَهُ أَخٌ " وَلَامُ الِاخْتِصَاصِ كَقَوْلِك " لَهُ عِلْمٌ وَلَهُ إرَادَةٌ " وَلَامُ الِاسْتِغَاثَةِ كَقَوْلِك " يَا لَبَكْرٍ وَيَا لَدَارِمٍ " وَلَامُ كَيْ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ﴾ وَلَامُ الْعَاقِبَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ﴾ فَهَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي تَنْقَسِمُ إلَيْهَا هَذِهِ اللَّامُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ ؛ وَهُوَ