إظْهَارِ الْمَيْلِ إلَى غَيْرِهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ وَطْأَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ﴾ يَعْنِي : لَا فَارِغَةً فَتَتَزَوَّجُ وَلَا ذَاتَ زَوْجٍ ؛ إذْ لَمْ يُوَفِّهَا حَقَّهَا مِنْ الْوَطْءِ، وَمِنْ حَقِّهَا أَنْ لَا يُمْسِكَهَا ضِرَارًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانِهِ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ إذَا كَانَ خِطَابًا لِلزَّوْجِ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ حَقِّهَا إذَا لَمْ يَمِلْ إلَيْهَا أَنْ لَا يَعْضُلَهَا عَنْ غَيْرِهِ بِتَرْكِ طَلَاقِهَا.
فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ، وَقَدْ انْتَظَمَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ إثْبَاتَهَا لَهَا.
وَمِمَّا بَيَّنَ اللَّهُ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ فَقِيلَ فِيهِ :" حِفْظُ مَائِهِ فِي رَحِمِهَا وَلَا تَحْتَالُ فِي إسْقَاطِهِ " وَيَحْتَمِلُ : حِفْظُ فِرَاشِهَا عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ : حَافِظَاتٌ لِمَا فِي بُيُوتِهِنَّ مِنْ مَالِ أَزْوَاجِهِنَّ وَلِأَنْفُسِهِنَّ ؛ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ جَمِيعَ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ.
وَقَالَ تَعَالَى :﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾ قَدْ أَفَادَ ذَلِكَ لُزُومَهَا طَاعَتَهُ ؛ لِأَنَّ وَصْفَهُ بِالْقِيَامِ عَلَيْهَا يَقْتَضِي ذَلِكَ.
وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا طَاعَتَهُ فِي نَفْسِهَا وَتَرْكَ النُّشُوزِ عَلَيْهِ.