لِأَيْمَانِهِ هُوَ كَالْحَلَّافِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :(وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) (٦٨ : ١٠) فَكَثِيرُ الْحَلِفِ حَلِيفُ الْمَهَانَةِ وَقَرِينُهَا، وَقَدْ ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ صِفَاتٍ أُخْرَى ذَمِيمَةً نَهَى عَنْ أَهْلِهَا وَبَدَأَهَا بِالْخِلَافِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ :(هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) (٦٨ : ١١ - ١٣) فَالْحَلَّافُ يُعَدُّ فِي مُقَدِّمَةِ هَؤُلَاءِ الْأَشْرَارِ، وَمَنْ أَكْثَرَ الْحَلِفَ قَلَّتْ مَهَابَتُهُ وَكَثُرَ حِنْثُهُ وَاتُّهِمَ بِالْكَذِبِ، وَلَا يَكُونُ الْحَلَّافُ إِلَّا كَذَّابًا، فَهُوَ عَلَى إِهَانَتِهِ لِاسْمِ اللهِ تَعَالَى يَفُوتُهُ مَا يُرِيدُ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ وَتَصْدِيقِهِ، فَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تُرْشِدُنَا إِلَى تَرْكِ الْحَلِفِ بِاللهِ
تَعَالَى إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ. وَهَذَا الْوَجْهُ أَظْهَرُ مِنَ الَّذِي سَبَقَهُ، وَالْعُرْضَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَتَمَدَّحُ بِقِلَّةِ الْحَلِفِ وَحِفْظِ الْأَيْمَانِ، قَالَ الشَّاعِرُ :
قَلِيلُ الْأَلَايَا حَافِظٌ لِيَمِينِهِ | وَإِنْ سَبَقَتْ مِنْهُ الْأَلِيَّةُ بُرَّتِ |