مِنْ قَصْدٍ وَرَوِيَّةٍ كَقَوْلِ الْإِنْسَانِ : أَيْ وَاللهِ، لَا وَاللهِ : وَعُدَّ هَذَا مِمَّا يُؤَاخَذُ عَلَيْهِ وَيَجْرِي فِيهِ الْحُكْمُ السَّابِقُ كَانَ الْحَرَجُ عَظِيمًا، وَقَدْ رَفَعَ اللهُ هَذَا الْحَرَجَ بِقَوْلِهِ :(لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) فَاللَّغْوُ : أَنْ يَقَعَ الْكَلَامُ حَشْوًا غَيْرَ مَقْصُودٍ بِهِ مَعْنَاهُ، فَهُوَ يَقُولُ : إِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الَّتِي تَسْبِقُ إِلَى اللِّسَانِ عَادَةً وَلَا يُقْصَدُ بِهَا عَقْدُ الْيَمِينِ لَغْوٌ مِنَ الْقَوْلِ لَا تُعَدُّ أَيْمَانًا حَقِيقِيَّةً، فَلَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ تَعَالَى بِهَا بِفَرْضِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا وَلَا بِالْعِقَابِ (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) بِأَنْ تَقْصِدُوا جَعْلَ اسْمِهِ الْكَرِيمِ عُرْضَةً لِلِابْتِذَالِ، أَوْ مَانِعًا لِصَالِحِ الْأَعْمَالِ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَقْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ، فَالْقَوْلُ الْحَشْوُ الَّذِي لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْقَلْبِ، وَلَا شَأْنَ لَهُ فِي الْعَمَلِ، مِمَّا يَعْفُو عَنْهُ، وَلَا يُعَاقِبُ عَلَيْهِ (وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) يَغْفِرُ لِعَبْدِهِ مَا يُلِمُّ بِهِ مِمَّا لَا يُفْسِدُ أَخْلَاقَهُ وَأَعْمَالَهُ، وَلَا يَتَعَجَّلُ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى هَذَا اللَّمَمِ الَّذِي يَضْعُفُ الْعَبْدُ عَنِ التَّوَقِّي مِنْهُ; وَلِذَلِكَ لَمْ يُكَلِّفْ عِبَادَهُ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِيمَا لَمْ تَقْصِدْهُ قُلُوبُهُمْ وَلَمْ تَتَعَمَّدْهُ نُفُوسُهُمْ; لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ سُلْطَةِ الِاخْتِيَارِ، وَقَدْ