وَمَعْنَى التَّرَبُّصِ مُدَّةَ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ هُوَ أَلَّا تَتَزَوَّجَ الْمُطَلَّقَةُ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَهِيَ جُمَعُ قُرْءٍ - بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا - وَيُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى حَيْضِ الْمَرْأَةِ وَعَلَى طُهْرِهَا مِنْهُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الِانْتِقَالُ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الْحَيْضِ كَمَا نُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ لَهُ، وَلِذَلِكَ لَا يُقَالُ لِلطَّاهِرِ الَّتِي لَمْ تَرَ الدَّمَ ذَاتُ قُرْءٍ أَوْ قُرُوءٍ، وَلَا لِلْحَائِضِ الَّتِي اسْتَمَرَّ لَهَا الدَّمُ، فَلَمَّا كَانَ الْقُرْءُ وَسَطًا بَيْنَ الدَّمِ وَالطُّهْرِ أَوْ عِبَارَةً عَنِ الصِّلَةِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ عَبَّرَ بِهِ قَوْمٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَقَوْمٌ عَنِ الْآخَرِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ شَوَاهِدُ فِي اللُّغَةِ،
أَطَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي إِيرَادِهَا وَالتَّرْجِيحِ بَيْنَهَا، فَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَآلُ الْبَيْتِ عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الطُّهْرُ، وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الْحَيْضُ، وَأَدِلَّةُ الْأَوَّلِينَ أَقْوَى.