قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ - قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ - : هَذِهِ الدَّرَجَةُ الَّتِي رُفِعَ النِّسَاءُ إِلَيْهَا لَمْ يَرْفَعْهُنَّ إِلَيْهَا دِينٌ سَابِقٌ وَلَا شَرِيعَةٌ مِنَ الشَّرَائِعِ، بَلْ لَمْ تَصِلْ إِلَيْهَا أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَ
الْإِسْلَامِ وَلَا بَعْدَهُ، وَهَذِهِ الْأُمَمُ الْأُورُبِّيَّةُ الَّتِي كَانَ مِنْ آثَارِ تَقَدُّمِهَا فِي الْحَضَارَةِ وَالْمَدَنِيَّةِ أَنْ بَالَغَتْ فِي تَكْرِيمِ النِّسَاءِ وَاحْتِرَامِهِنَّ، وَعَنِيَتْ بِتَرْبِيَتِهِنَّ وَتَعْلِيمِهِنَّ الْعُلُومَ وَالْفُنُونَ، لَا تَزَالُ دُونَ هَذِهِ الدَّرَجَةِ الَّتِي رَفَعَ الْإِسْلَامُ النِّسَاءَ إِلَيْهَا، وَلَا تَزَالُ قَوَانِينُ بَعْضِهَا تَمْنَعُ الْمَرْأَةَ مِنْ حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا بِدُونِ إِذْنِ زَوْجِهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي مَنَحَتْهَا إِيَّاهَا الشَّرِيعَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ مِنْ نَحْوِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَرْنًا وَنِصْفٍ، وَقَدْ كَانَ النِّسَاءُ فِي أُورُبَّا مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً بِمَنْزِلَةِ الْأَرِقَّاءِ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا كُنَّ فِي عَهْدِ الْجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ الْعَرَبِ أَوْ أَسْوَأَ حَالًا، وَنَحْنُ لَا نَقُولُ : إِنَّ الدِّينَ الْمَسِيحِيَّ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ لِأَنَّنَا نَعْتَقِدُ أَنَّ تَعْلِيمَ الْمَسِيحِ لَمْ يَخْلُصْ إِلَيْهِمْ كَامِلًا سَالِمًا مِنَ الْإِضَافَاتِ وَالْبِدَعِ، وَمِنَ الْمَعْرُوفِ أَنَّ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ لَمْ يُرَقِّ الْمَرْأَةَ وَإِنَّمَا كَانَ ارْتِقَاؤُهَا مِنْ أَثَرِ الْمَدَنِيَّةِ الْجَدِيدَةِ فِي الْقَرْنِ الْمَاضِي.


الصفحة التالية
Icon