وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :(وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) فَهُوَ يُوجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْئًا وَعَلَى الرِّجَالِ أَشْيَاءَ; ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الدَّرَجَةَ هِيَ دَرَجَةُ الرِّيَاسَةِ وَالْقِيَامِ عَلَى الْمَصَالِحِ الْمُفَسَّرَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) (٤ : ٣٤) فَالْحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ حَيَاةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ وَلَا بُدَّ لِكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ رَئِيسٍ; لِأَنَّ الْمُجْتَمِعِينَ لَا بُدَّ أَنْ تَخْتَلِفَ آرَاؤُهُمْ وَرَغَبَاتُهُمْ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ، وَلَا تَقُومُ مَصْلَحَتُهُمْ إِلَّا إِذَا كَانَ لَهُمْ رَئِيسٌ يُرْجَعُ إِلَى رَأْيِهِ فِي الْخِلَافِ; لِئَلَّا يَعْمَلَ كُلٌّ عَلَى ضِدِّ الْآخَرِ فَتَنْفَصِمَ عُرْوَةُ الْوَحْدَةِ الْجَامِعَةِ، وَيَخْتَلَّ النِّظَامُ، وَالرَّجُلُ أَحَقُّ بِالرِّيَاسَةِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَصْلَحَةِ، وَأَقْدَرُ عَلَى التَّنْفِيذِ بِقُوَّتِهِ وَمَالِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ هُوَ الْمُطَالَبُ شَرْعًا بِحِمَايَةِ الْمَرْأَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا، وَكَانَتْ هِيَ مُطَالَبَةً بِطَاعَتِهِ فِي الْمَعْرُوفِ