الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦)
(سورة النور)
إن هذا وإن كان كلاما خبريا لكنه تشريع إنشائي يحتمل أن تطيع وأن تعصي ولكن الله يطلب منا أن تكون القضية هكذا " الخبيثات للخبيثين" يعني أن ربكم يريد أن تكون " الخبيثات للخبيثين" وأن تكون " الطيبات للطيبين" وليس معنى ذلك أن الواقع لابد أن يكون كما جاء في الآية، إنما الواقع يكون كذلك لو نفذنا كلام الله وسيختلف إذا عصينا الله وتمردنا على شرعه. والمعنى نفسه في قوله تعالى :
وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً
(من الآية ٩٧ سورة آل عمران)
أي اجعلوا من يدخل البيت الحرام آمناً. ويحتمل أن يعصي أحد الله فلا يجعل البيت الحرام آمناً. إذن فقوله الحق :" والمطلقات يتربص بأنفسهن ثلاثة قروء" هو حكم تكليفي يستحق النفاذ لمن يؤمن بالله، وقوله :" يتربصن" أي ينتظرن، واللفظ هنا يناسب المقام تماما، فالمتربصة هي المطلقة، ومعنى مطلقة أنها مزهود فيها، وتتربص انتهاء عدتها حتى ترد اعتبارها بصلاحيتها للزواج من زوج آخر. ولم ينته القول الكريم بقوله :" يتربص" وإنما قال :" يتربصن بأنفسهن" مع أن المتربصة هي نفسها المطلقة ؛ ذلك لأن النفس الواعية المكلفة والنفس الأمارة بالسوء تكونان في صراع على الوقت وهو " ثلاثة قروء"، " وقروء" جمع " قرء" وهو إما الحيضة وإما الطهر الذي بين الحيضتين. وقوله الحق سبحانه وتعالى :" ثلاثة قروء" وما المقصود به ؟


الصفحة التالية
Icon