قوله :﴿ إِن كُنَّ ﴾ هذا شرطٌ، وفي جوابه المذهبان المشهوران : إمَّا محذوفٌ، وتقديره من لفظ ما تقدَّم ؛ لتقوى الدلالة عليه، أي : إنْ كُنَّ يؤمنَّ بالله واليَوم الآخر، فلا يحلُّ أن يكتمن، وإمَّا أنه متقدِّمٌ ؛ كما هو مذهب الكوفيين وأبي زيدٍ، وقيل :" إنْ " بمعنى " إِذْ "، وهو ضعيفٌ.
قوله تعالى :﴿ وَبُعُولَتُهُنَّ ﴾ الجمهور على رفع تاء " بُعُولَتُهُنَّ " وسكَّنها مسلمة بن محاربٍ، وذلك لتوالي الحركات، فخُفِّف، ونظيره قراءة :﴿ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [ الزخرف : ٨٠ ] بسكون اللام حكاها أبو زيد، وحكى أبو عمرو : أنَّ لغة تميم تسكين المرفوع من " يُعَلِّمُهُمُ " ونحوه، وقيل : أجرى ذلك مجرى " عَضُدٍ، وعَجُزٍ " ؛ تشبيهاً للمنفصل بالمتصل، وقد تقدَّم ذلك.
و﴿ أَحَقُّ ﴾ خبرٌ عن " بُعُولَتُهُنَّ " وهو بمعنى حقيقون ؛ إذ لا معنى للتفضيل هنا ؛ فإنَّ غير الأزواج لا حقَّ لهم فيهنَّ البتَّة، ولا حقَّ أيضاً للنِّساء في ذلك، حتى لو أبت هي الرَّجعة، لم يعتدَّ بذلك.
وقال بعضهم : هي على بابها ؛ لأنه تعالى قال :﴿ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله في أَرْحَامِهِنَّ ﴾ فكان تقدير الآية : فإنَّهن إن كتمن لأجل أن يتزوَّج بهنَّ زوجٌ آخر، فإنَّ الزَّوج الأوَّل أحقُّ بردِّها ؛ لأنه ثبت للزَّوج الثَّاني حقٌّ في الظَّاهر ؛ لادِّعائها انقضاء عدَّتها.
وأيضاً : فإنَّها إذا كانت معتدَّة، فلها في انقضاء العدَّة حقُّ انقطاع النِّكاح، فلما كان لهنَّ هذا الحقُّ الذي يتضمَّن إبطال حقِّ الزَّوج، جاز أن يقول :﴿ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ ﴾ حيث إن لهم أن يبطلوا بسبب الرَّجعة ما هنَّ عليه من العدَّة.
و" البُعُولة " فيها قولان :