وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ أَنَّ الْهِجْرَانَ يُوجِبُ الطَّلَاقَ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ شَاذٌّ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إذَا حَلَفَ ثُمَّ هَجَرَهَا مُدَّةَ الْإِيلَاءِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ خِلَافُ الْكِتَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ﴾ وَالْأَلِيَّةُ الْيَمِينُ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَهِجْرَانُهَا لَيْسَ بِيَمِينٍ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ.
وَرَوَى أَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ : أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ فِي خُلُقِهَا سُوءٌ، فَكَانَ يَهْجُرُهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهَا وَلَا يَرَى ذَلِكَ إيلَاءً.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ بَعْدَهُمْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي إذَا حَلَفَ عَلَيْهَا يَكُونُ مُولِيًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ :" إذَا حَلَفَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا ".
وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيُّ.


الصفحة التالية
Icon