وَأَنَّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ " إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ " كَانَتْ هَذِهِ يَمِينًا مَعْقُودَةً ؟ فَإِنْ كَلَّمَتْهُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ، وَقَدْ انْحَلَّتْ فِيهَا الْيَمِينُ، وَبَطَلَتْ كَذَلِكَ مُضِيُّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ لَمَّا كَانَ سَبَبًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لَمْ يَمْتَنِعْ وُقُوعُهُ وَالْيَمِينُ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْفَيْءُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الرُّجُوعُ إلَى الشَّيْءِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :﴿ حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ ﴾ يَعْنِي حَتَّى تَرْجِعَ مِنْ الْبَغْيِ إلَى الْعَدْلِ الَّذِي هُوَ أَمْرُ اللَّهِ.
وَإِذَا كَانَ الْفَيْءُ الرُّجُوعَ إلَى الشَّيْءِ اقْتَضَى ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُجَامِعَهَا عَلَى وَجْهِ الضَّرَرِ ثُمَّ قَالَ لَهَا :" قَدْ فِئْت إلَيْك وَقَدْ أَعْرَضْت عَمَّا عَزَمْت عَلَيْهِ مِنْ هِجْرَانِ فِرَاشِك بِالْيَمِينِ " أَنْ يَكُونَ قَدْ فَاءَ إلَيْهَا، سَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ عَاجِزًا.
هَذَا هُوَ مُقْتَضَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ، إلَّا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا لَمْ يَكُنْ فَيْؤُهُ إلَّا الْجِمَاعَ.


الصفحة التالية
Icon