وَدَلِيلٌ آخَرُ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﴿ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ﴾ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ فَلَمَّا كَانَتْ الْبَيْنُونَةُ وَاقِعَةً بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فِي تَرَبُّصِ الْأَقْرَاءِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ
كَذَلِكَ حُكْمُ تَرَبُّصِ الْإِيلَاءِ مِنْ وُجُوهٍ : أَحَدُهَا أَنَّا لَوْ وَقَفْنَا الْمُولِي لَحَصَلَ التَّرَبُّصُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَذَلِكَ خِلَافُ الْكِتَابِ، وَلَوْ غَابَ الْمُولِي عَنْ امْرَأَتِهِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ وَلَمْ تَرْفَعْهُ الْمَرْأَةُ وَلَمْ تُطَالِبْ بِحَقِّهَا لَكَانَ التَّرَبُّصُ غَيْرَ مُقَدَّرٍ بِوَقْتٍ، وَذَلِكَ خِلَافُ الْكِتَابِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْبَيْنُونَةُ وَاقِعَةً بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فِي تَرَبُّصِ الْأَقْرَاءِ وَجَبَ مِثْلُهُ فِي الْإِيلَاءِ، وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا ذِكْرُ التَّرَبُّصِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُدَّتَيْنِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُدَّتَيْنِ وَاجِبَةٌ عَنْ قَوْلِهِ وَتَعَلَّقَ بِهَا حُكْمُ الْبَيْنُونَةِ، فَلَمَّا تَعَلَّقَتْ فِي إحْدَاهُمَا بِمُضِيِّهَا كَانَتْ الْأُخْرَى مِثْلَهَا لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
فَإِنْ قِيلَ : تَأْجِيلُ الْعِنِّينِ حَوْلًا بِالِاتِّفَاقِ، وَتَخْيِيرُ امْرَأَتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ الْحَوْلِ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فِي الْحَوْلِ، وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْأَجَلِ ؛ كَذَلِكَ مَا ذَكَرْت مِنْ حُكْمِ الْإِيلَاءِ إيجَابُ الْوَقْفِ بَعْدَ الْمُدَّةِ لَا يُوجِبُ زِيَادَةً فِيهَا.


الصفحة التالية
Icon