الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : نَظْمُ الْآيَةِ : لِلَّذِينَ يَعْتَزِلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ بِالْأَلِيَّةِ، فَكَانَ مِنْ عَظِيمِ الْفَصَاحَةِ أَنْ اُخْتُصِرَ، وَحُمِّلَ آلَى مَعْنَى اعْتَزَلَ النِّسَاءَ بِالْأَلِيَّةِ حَتَّى سَاغَ لُغَةَ أَنْ يَتَّصِلَ آلَى بِقَوْلِك مِنْ، وَنَظْمُهُ فِي الْإِطْلَاقِ أَنْ يَتَّصِلَ بِآلَى قَوْلُك عَلَى، تَقُولُ الْعَرَبُ : اعْتَزَلْت مِنْ كَذَا وَعَنْ كَذَا، وَآلَيْت وَحَلَفَتْ عَلَى كَذَا، وَكَذَلِكَ عَادَةُ الْعَرَبِ أَنْ تَحْمِلَ مَعَانِيَ الْأَفْعَالِ عَلَى الْأَفْعَالِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الِارْتِبَاطِ وَالِاتِّصَالِ، وَجَهِلَتْ النَّحْوِيَّةُ هَذَا فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ : إنَّ حُرُوفَ الْجَرِّ يُبْدَلُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، وَيَحْمِلُ بَعْضُهَا مَعَانِيَ الْبَعْضِ، فَخَفِيَ عَلَيْهِمْ وَضْعُ فِعْلٍ مَكَانَ فِعْلٍ، وَهُوَ أَوْسَعُ وَأَقْيَسُ، وَلَجُّوا بِجَهْلِهِمْ إلَى الْحُرُوفِ الَّتِي يَضِيقُ فِيهَا نِطَاقُ [ الْكَلَامِ ] وَالِاحْتِمَالِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فِيمَا يَقَعُ بِهِ الْإِيلَاءُ : قَالَ قَوْمٌ : لَا يَقَعُ الْإِيلَاءُ إلَّا بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ، وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ.
الثَّانِي : أَنَّ الْإِيلَاءَ يَقَعُ بِكُلِّ يَمِينٍ عَقَدَ الْحَالِفُ بِهَا قَوْلَهُ، وَذَلِكَ بِالْتِزَامِ مَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا قَبْلَ ذَلِكَ.