أَمَّا أَنَّهُ تَبْقَى هُنَا نُكْتَةٌ وَهِيَ أَنْ يَحْلِفَ فَيَقُولُ : وَاَللَّهِ لَقَدْ رَجَعْت فَهَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ الَّتِي قَبْلَهَا أَمْ لَا ؟ قُلْنَا : لَا يَكُونُ فَيْئًا، لِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ تُوجِبُ كَفَّارَةً أُخْرَى فِي الذِّمَّةِ، وَتَجْتَمِعُ مَعَ الْيَمِينِ الْأَوَّلِ، وَلَا يُرْفَعُ الشَّيْءُ إلَّا بِمَا يُضَادُّهُ وَهَذَا تَحْقِيقٌ بَالِغٌ.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ : إذَا كَانَ ذَا عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ مَغِيبٍ فَقَوْلُهُ : رَجَعْت فَيْءٌ ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ.
وَقَالَ مَالِكٌ : يُقَالُ لَهُ كَفِّرْ أَوْ أَوْقِعْ مَا حَلَفْت عَلَيْهِ ؛ فَإِنْ فَعَلَ، وَإِلَّا طَلُقَتْ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ قَوْلُهُ : رَجَعْت، ثُمَّ إذَا أَمْكَنَهُ الْوَطْءُ، فَلَمْ يَطَأْ طُلِّقَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَفَّرَ ثُمَّ أَمْكَنَهُ الْوَطْءُ لِزَوَالِ الْعُذْرِ لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : تُسْتَأْنَفُ لَهُ الْمُدَّةُ إذَا انْقَضَتْ، وَهُوَ مَغِيبٌ أَوْ مَرِيضٌ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ.
قُلْنَا لِأَبِي حَنِيفَةَ : لَا تُسْتَأْنَفُ لَهُ مُدَّةٌ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعُذْرَ لَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ ؛ فَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا بِالْخُرُوجِ فَيَفْعَلُهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ.
وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي كِتَابِ " الْمَسَائِلِ "
مُسْتَوْفَاةَ الْحُجَجِ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : إذَا تَرَكَ الْوَطْءَ مُضَارًّا بِغَيْرِ يَمِينٍ فَلَا تَظْهَرُ فَيْئَتُهُ عِنْدَنَا إلَّا بِالْفِعْلِ، لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْكَرَاهَةِ قَدْ ظَهَرَ بِالِامْتِنَاعِ، فَلَا يَظْهَرُ اعْتِقَادُهُ لِلْإِرَادَةِ إلَّا بِالْإِقْدَامِ ؛ وَهَذَا تَحْقِيقٌ بَالِغٌ.