والإقامة في الحقيقة الإظهار والإيجاد، يقال : أقام حداً لأرضه، وهي هنا استعارة للعمل بالشرع تبعاً لاستعارة الحدود للأحكام الشرعية، وكذلك إطلاق الاعتداء الذي هو تجاوز الحد على مخالفة حكم الشرع، هو استعارة تابعة لتشبيه الحكم بالحد.
وجملة :﴿ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون﴾ تذييل وأفادت جملة ﴿فأولئك هم الظالمون﴾ حصراً وهو حصر حقيقي، إذ ما من ظالم إلا وهو متعد لحدود الله، فظهر حصر حال المتعدي حدود الله في أنه ظالم.
واسم الإشارة من قوله :﴿فأولئك هم الظالمون﴾ مقصود منه تمييز المشار إليه، أكمل تمييز، وهو من يتعدى حدود الله، اهتماماً بإيقاع وصف الظالمين عليهم.
وأطلق فعل ﴿يتعد﴾ على معنى يخالف حكم الله ترشيحاً لاستعارة الحدود لأحكام الله، وهو مع كونه ترشيحاً مستعار لمخالفة أحكام الله ؛ لأن مخالفة الأمر والنهي تشبه مجاوزة الحد في الاعتداء على صاحب الشيء المحدود. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤١٣﴾
وقال السعدى :
﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ وأي ظلم أعظم ممن اقتحم الحلال، وتعدى منه إلى الحرام، فلم يسعه ما أحل الله ؟
والظلم ثلاثة أقسام :
ظلم العبد فيما بينه وبين الله، وظلم العبد الأكبر الذي هو الشرك، وظلم العبد فيما بينه وبين الخلق، فالشرك لا يغفره الله إلا بالتوبة، وحقوق العباد، لا يترك الله منها شيئا، والظلم الذي بين العبد وربه فيما دون الشرك، تحت المشيئة والحكمة. أ هـ ﴿تفسير السعدى صـ ١٠٢﴾
من فوائد ابن عرفة فى الآية
قوله تعالى :﴿الطلاق مَرَّتَانِ...﴾.
فسّروه بوجهين : إما الطّلاق الرجعي مرتان لأن الطلقة ( الثالثة ) لا رجعة فيها، وإما الطّلاق السني مرتان.


الصفحة التالية
Icon