واختلفوا فيمن قال لامرأته : قد فارقتك، أو سرحتك، أو أنت خلية، أو برية، أو بائن، أو حبلك على غاربك، أو أنت عليّ حرام، أو الحقي بأهلِكِ، أو قد وهبتك لأهلك، أو قد خليت سبيلك، أولا سبيل لي عليك ؛ فقال أبو حنيفة وأبو يوسف : هو طلاق بائن، وروي عن ابن مسعود وقال : إذا قال الرجل لامرأته استقلي بأمرِك، أو أمرِك لكِ، أو الحقي بأهلك فقبِلوها فواحدة بائنة. وروي عن مالكٍ فيمن قال لامرأته : قد فارقتك، أو سرحتك، أنه من صريح الطلاق ؛ كقوله : أنت طالق. وروي عنه أنه كناية يرجع فيها إلى نية قائِلها، ويسأل ما أراد من العدد، مدخولاً بها كانت أو غير مدخول بها. قال ابن الموّاز : وأصح قوليه في التي لم يدخل بها أنها واحدة، إلاَّ أن ينوي أكثر ؛ وقاله ابن القاسم وابن عبد الحكم. وقال أبو يوسف : هي ثلاث ؛ ومثله خلعتك، أو لا مِلك لي عليك. وأمّا سائر الكنايات فهي ثلاث عند مالك في كل من دخل بها لا ينوَّى فيها قائلها، وينوّى في غير المدخول بها. فإن حلف وقال أردت واحدة كان خاطباً من الخطاب، لأنه لا يخلى المرأة التي قد دخل بها زوجها ولا يُبينها ولا يبريها إلاَّ ثلاث تطليقات. والتي لم يدخل بها يُخليها ويُبريها ويُبينها الواحدة. وقد روي عن مالك وطائفة من أصحابه، وهو قول جماعة من أهل المدينة، أنه ينوى في هذه الألفاظ كلها ويلزمه من الطلاق ما نوى. وقد روي عنه في البتة خاصة من بين سائر الكنايات أنه لا ينوي فيها لا في المدخول بها ولا في غير المدخول بها. وقال الثوريّ وأبو حنيفة وأصحابه : له نيته في ذلك كله، فإن نوى ثلاثاً فهي ثلاث، وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة وهي أحق بنفسها. وإن نوى اثنتين فهي واحدة. وقال زفر : إن نوى اثنتين فهي اثنتان. وقال الشافعيّ : هو في ذلك كله غير مطلق حتى يقول : أردت بمخرج الكلام مني طلاقاً فيكون ما نوى. فإن نوى دون الثلاث كان رجعياً، ولو طلقها واحدة بائنة كانت رجعية.


الصفحة التالية
Icon