وقال ابن سريج : يمكن أن يكون ذلك إنما جاء في نوع خاص من الطلاق الثلاث وهو أن يفرق بين الألفاظ كأن يقول : أنت طالق أنت طالق أنت طالق وكان في عهد رسول الله ﷺ وعهد أبي بكر رضي الله عنه الناس على صدقهم وسلامتهم لم يكن فيهم الخب والخداع فكانوا يصدقون أنهم أرادوا به التأكيد ولا يريدون به الثلاث فلما رأى عمر رضي الله عنه في زمانه أمورا ظهرت وأحوالا تغيرت منع من حمل اللفظ على التكرار وألزمهم الثلاث
وقالت طائفة : معنى الحديث أن الناس كانت عادتهم على عهد رسول الله ﷺ إيقاع الواحدة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها ثم اعتادوا الطلاق الثلاث جملة وتتايعوا فيه ومعنى الحديث على هذا : كان الطلاق الذي يوقعه المطلق الآن ثلاثا يوقعه على عهد رسول الله ﷺ وأبي بكر واحدة فهو إخبار عن الواقع لا عن المشروع
وقالت طائفة : ليس في الحديث بيان أن رسول الله ﷺ هو الذي كان يجعل الثلاث واحدة ولا أنه أعلم بذلك فأقر عليه ولا حجة إلا فيما قاله أو فعله أو علم به فأقر عليه ولا يعلم صحة واحدة من هذه الأمور في حديث أبي الصهباء
قالوا : وإذا اختلفت علينا الأحاديث نظرنا إلى ما عليه أصحاب رسول الله ﷺ فإنهم أعلم بسنته فنظرنا فإذا الثابت عن عمر بن الخطاب الذي لا يثبت عنه غيره ما رواه عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل حدثنا زيد بن وهب أنه رفع إلى عمر بن الخطاب رجل طلق امرأته ألفا فقال له عمر : أطلقت امرأتك ؟ فقال : إنما كنت ألعب فعلاه عمر بالدرة وقال : إنما يكفيك من ذلك ثلاث
وروى وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت قال : جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال : إني طلقت امرأتي ألفا فقال له علي : بانت منك بثلاث واقسم سائرهن بين نسائك


الصفحة التالية
Icon