حجة الشافعي رضي الله عنه ما روي أن ابن عمر رضي الله عنه لما طلق زوجته وهي حائض فسأل عمر رسول الله ﷺ عن ذلك فقال عليه الصلاة والسلام " مره فليراجعها ثم ليمسكها " حتى تطهر أمره النبي ﷺ بالمراجعة مطلقاً، وقيل : درجات الأمر الجواز فنقول : إنه كان مأذوناً بالمراجعة في زمان الحيض، وما كان مأذوناً بالوطء في زمان الحيض فيلزم أن لا يكون الوطء رجعة وحجة أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه أنه تعالى قال :﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ أمر بمجرد الإمساك، وإذا وطئها فقد أمسكها، فوجب أن يكون كافياً، أما الشافعي رضي الله تعالى عنه فإنه لما قال : إنه لا بد من الكلام، فظاهر مذهبه أن الإشهاد على الرجعة مستحب ولا يجب وبه قال مالك وأبو حنيفة رضي الله عنهما، وقال في " الإملاء" : هو واجب، وهو اختيار محمد بن جرير الطبري، والحجة فيه قوله تعالى :﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ ولا يكون معروفاً إلا إذا عرفه الغير، وأجمعنا على أنه لا يجب عرفان غير الشاهد، فوجب أن يكون عرفان الشاهد واجباً وأجاب الأولون بأن المراد بالمعروف هو المراعاة وإيصال الخير لا ما ذكرتم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٩٣ ـ ٩٤﴾
قال ابن عاشور :
وقوله :﴿أو سرحوهن بمعروف﴾ قيد التسريح هنا بالمعروف، وقيد في قوله السالف ﴿أو تسريح بإحسان﴾، بالإحسان للإشارة إلى أن الإحسان المذكور هنالك، هو عين المعروف الذي يعرض للتسريح، فلما تقدم ذكره لم يُحتج هنا إلى الفرق بين قيده وقيد الإمساك.
أو لأن إعادة أحوال الإمساك والتسريح هنا ليبنى عليه النهي عن المضارة، والذي تخاف مضارته بمنزلة بعيدة عن أن يطلب منه الإحسان، فطلب منه الحق، وهو المعروف الذي عدم المضارة من فروعه، سواء في الإمساك أو في التسريح، ومضارة كل بما يناسبه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٢٢﴾
سؤال : لم عبر بالتسريح عن التخلية ؟
الجواب : عبر بالتسريح عن التخلية لأن مآلها إليه، إذ بانقضاء العدّة حصلت البينونة. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢١٨﴾