وقوله :﴿ولا تمسكوهن ضراراً﴾ تصريح بمفهوم ﴿فأمسكوهن بمعروف﴾ إذ الضرار ضد المعروف، وكأن وجه عطفه مع استفادته من الأمر بضده التشويه بذكر هذا الضد لأنه أكثر أضداد المعروف يقصده الأزواج المخالفون لحكم الإمساك بالمعروف، مع ما فيه من التأكيد، ونكتته تقرير المعنى المراد في الذهن بطريقتين غايتهما واحدة وقال الفخر : نكتة عطف النهي على الأمر بالضد في الآية هي أن الأمر لا يقتضي التكرار بخلاف النهي، وهذه التفرقة بين الأمر والنهي غير مسلمة، وفيها نزاع في علم الأصول، ولكنه بناها على أن الفرق بين الأمر والنهي هو مقتضى اللغة.
على أن هذا العطف إن قلنا : إن المعروف في الإمساك حيثما تحقق انتفى الضرار، وحيثما انتفى المعروف تحقق الضرار، فيصير الضرار مساوياً لنقيض المعروف، فلنا أن نجعل نكتة العطف حينئذٍ لتأكيد حكم الإمساك بالمعروف : بطريقي إثبات ونفي، كأنه قيل :( ولا تمسكوهن إلاّ بالمعروف )، كما في قول السموأل :
تسيل على حد الظُّباتتِ نُفُوسنا
وليستْ على غير الظُّبات تسيل...
أهـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٢٣﴾

فصل


قال الفخر :
قال القفال : الضرار هو المضارة قال تعالى :﴿والذين اتخذوا مَسْجِدًا ضِرَارًا﴾ [ التوبة : ١٠٧ ] أي اتخذوا المسجد ضراراً ليضاروا المؤمنين، ومعناه رجع إلى إثارة العداوة وإزالة الألفة وإيقاع الوحشة، وموجبات النفرة، وذكر المفسرون في تفسير هذا الضرار وجوها أحدها : ما روي أن الرجل كان يطلق المرأة ثم يدعها، فإذا قارب انقضاء القرء الثالث راجعها، وهكذا يفعل بها حتى تبقى في العدة تسعة أشهر أو أكثر والثاني : في تفسير الضرار سوء العشرة والثالث : تضييق النفقة، واعلم أنهم كانوا يفعلون في الجاهلية أكثر هذه الأعمال رجاء أن تختلع المرأة منه بمالها. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٩٤﴾
قوله تعالى :﴿لّتَعْتَدُواْ﴾
قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon