وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ الْخَبَرُ، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إيجَابُ الرَّضَاعِ عَلَى الْأُمِّ وَأَمْرُهَا بِهِ ؛ إذْ قَدْ يَرِدُ الْأَمْرُ فِي صِيغَةِ الْخَبَرِ، كَقَوْلِهِ :﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾، وَأَنْ يُرِيدَ بِهِ إثْبَاتَ حَقِّ الرَّضَاعِ لِلْأُمِّ وَإِنْ أَبَى الْأَب، أَوْ تَقْدِيرُ مَا يَلْزَمُ الْأَبَ مِنْ نَفَقَةِ الرَّضَاعِ فَلَمَّا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى :﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ وَقَالَ تَعَالَى :﴿وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الرَّضَاعَ شَاءَتْ الْأُمُّ أَوْ أَبَتْ، وَأَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ فِي أَنْ تُرْضِعَ أَوْ لَا تُرْضِعَ ؛ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْوَجْهَانِ الْآخَرَانِ، وَهُوَ أَنَّ الْأَبَ إذَا أَبَى اسْتِرْضَاعَ الْأُمِّ أُجْبِرَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ أَكْثَرَ مَا يَلْزَمُهُ فِي نَفَقَةِ الرَّضَاعِ لِلْحَوْلَيْنِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يُنْفِقَ نَفَقَةَ الرَّضَاعِ أَكْثَرَ مِنْهُمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٢ صـ ١٤٠﴾
سؤال : لم صرح بالمفعول فى قوله :﴿أولادهن﴾ مع كونه معلوماً ؟
الجواب : صرح بالمفعول مع كونه معلوماً، إيماء إلى أحقية الوالدات بذلك وإلى ترغيبهن فيه ؛ لأن في قوله :﴿أولادهن﴾ تذكيراً لهن بداعي الحنان والشفقة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٣٠﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
قال ابن عطية : قوله :﴿يرضعن﴾ خبر معناه الأمر على الوجوب لبعض الوالدات، والأمر على الندب والتخيير لبعضهن وتبعه البيضاوي، وفي هذا استعمال صيغة الأمر في القدر المشترك وهو مطلق الطلب ولا داعي إليه.