والوجه الثالث : في المقصود من هذا التحديد ما روى ابن عباس أنه قال للتي تضع لستة أشهر أنها ترضع حولين كاملين، فإن وضعت لسبعة أشهر أرضعت ثلاثة وعشرين شهراً، وقال آخرون : الحولان هذا الحد في رضاع كل مولود، وحجة ابن عباس رضي الله عنهما أنه تعالى قال :﴿وَحَمْلُهُ وفصاله ثَلاَثُونَ شَهْراً﴾ [ الأحقاف : ١٥ ] دلت هذه الآية على أن زمان هاتين الحالتين هو هذا القدر من الزمان، فكما ازداد في مدة إحدى الحالتين انتقص من مدة الحالة الأخرى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٠١ ـ ١٠٢﴾
فائدة
قال ابن الجوزى :
اختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذا القدر من الآية، فقال بعضهم : هو محكم، والمقصود منه بيان مدة الرضاع، ويتعلق به أحكام، منها أنه كمال الرضاع، ومنها أنه يلزم الأب نفقة الرضاع مدّة الحولين، ويجبره الحاكم على ذلك، ومنها أنه يثبت تحريم الرضاع في مدَّة الحولين، ولا يثبت فيما زاد، ونقل عن قتادة، والربيع بن أنس في آخرين أنه منسوخ بقوله تعالى :﴿فإن أَرادا فصالاً عن تراضٍ منهما﴾ قال شيخنا عليّ بن عبيد الله : وهذا قول بعيد، لأن الله تعالى قال في أولها :﴿لمن أراد أن يُتمّ الرضاعة﴾ فلما قال في الثاني :﴿فإن أرادا فصالاً عن تراضٍ منهما﴾ خيّر بين الإرادتين، وذلك لا يعارض المدة المقدرة في التمام. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ١ صـ ٢٧١﴾
سؤال : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : قَوْله تَعَالَى :﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْحَوْلَيْنِ تَمَامُ الرَّضَاعِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ رَضَاعٌ.


الصفحة التالية
Icon