الثاني : أن هذا تنبيه على أن الولد إنما يلتحق بالوالد لكونه مولوداً على فراشه على ما قال ﷺ :" الولد للفراش " فكأنه قال : إذا ولدت المرأة الولد للرجل وعلى فراشه، وجب عليه رعاية مصالحه، فهذا تنبيه على أن سبب النسب واللحاق مجرد هذا القدر الثالث : أنه قيل في تفسير قوله :﴿قَالَ ابن أُمَّ﴾ [ طه : ٩٤ ] أن المراد منه أن الأم مشفقة على الولد، فكان الغرض من ذكر الأم تذكير الشفقة، فكذا ههنا ذكر الوالد بلفظ المولود له تنبيهاً على أن هذا الولد إنما ولد لأجل الأب، فكان نقصه عائداً إليه، ورعاية مصالحه لازمة له، كما قيل : كلمة لك، وكلمة عليك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٠٣﴾
وقال ابن عاشور :
عبر عن الوالد بالمولود له، إيماء إلى أنه الحقيق بهذا الحكم ؛ لأن منافع الولد منجرة إليه، وهو لاحق به ومعتز به في القبيلة حسب مصطلح الأمم، فهو الأجدر بإعاشته، وتقويم وسائلها. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٣٢﴾
لطيفة
قال العلامة أبو حيان :
و: المولود له، هو الوالد، وهو الأب، ولم يأت بلفظ الوالد، ولا بلفظ الأب، بل جاء بلفظ : المولود له، لما في ذلك من إعلام الأب ما منح الله له وأعطاه، إذ اللام في : له، معناها شبه التمليك كقوله تعالى :﴿وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة﴾ وهو أحد المعاني التي ذكرناها في اللام في أول الفاتحة، ولذلك يتصرف الوالد في ولده بما يختار، وتجد الولد في الغالب مطيعاً لأبيه، ممتثلاً ما أمر به، منفذاً ما أوصى به، فالأولاد في الحقيقة هم للآباء، وينتسبون إليهم لا إلى أمهاتهم، كما أنشد المأمون بن الرشيد، وكانت أمه جارية طباخة تدعى مراجل، قال :
فإنما أمهات الناس أوعية... مستودعات وللابناء آباء