الثانية : إنه تعالى وصى الأم برعاية الطفل أولاً، ثم وصى الأب برعايته ثانياً، وهذا يدل على أن احتياج الطفل إلى رعاية الأم أشد من احتياجه إلى رعاية الأب، لأنه ليس بين الطفل وبين رعاية الأم واسطة ألبتة، أما رعاية الأب فإنما تصل إلى الطفل بواسطة، فإنه يستأجر المرأة على إرضاعه وحضانته بالنفقة والكسوة، وذلك يدل على أن حق الأم أكثر من حق الأب، والأخبار المطابقة لهذا المعنى كثيرة مشهورة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٠٢ ـ ١٠٣﴾
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ﴾ الرزق في هذا الحكم الطعام الكافي، وفي هذا دليل على وجوب نفقة الولد على الوالد لضعفه وعجزه. وسماه الله سبحانه للأُمّ ؛ لأن الغذاء يصل إليه بواسطتها في الرّضاع كما قال :﴿وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ﴾ [ الطلاق : ٦ ] لأن الغذاء لا يصل إلا بسببها.
وأجمع العلماء على أن على المرء نفقة ولده الأطفال الذين لا مال لهم. " وقال ﷺ لهند بنت عتبة وقد قالت له : إن أبا سفيان رجل شحيحٌ وإنه لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ إلاّ ما أخذت من ماله بغير علمه فهل عليّ في ذلك جناح ؟ فقال :" خذِي ما يكفيك وولدكِ بالمعروف" "
والكسوة : اللباس. وقوله :" بالمعروف" أي بالمتعارف في عرف الشرع من غير تفريط ولا إفراط. ثم بيّن تعالى أن الإنفاق على قدر غِنَى الزوج ومَنْصِبها من غير تقدير مُدٍّ ولا غيره بقوله تعالى :﴿لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ على ما يأتي بيانه في الطلاق إن شاء الله تعالى. وقيل المعنى : أي لا تُكلَّف المرأةُ الصبرَ على التقتير في الأُجرة، ولا يكلف الزوج ما هو إسراف بل يراعي القصد. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ١٦٣ ـ ١٦٤﴾
قال العلامة ابن العربى


الصفحة التالية
Icon