والجملة الرابعة : كالثالثة، لأنها في سياق النفي، فتعم أيضاً، وهي كالشرح للجملة قبلها، لأن النفس إذا لم تكلف إلاَّ طاقتها لا يقع ضرر لا للوالدة ولا للمولود له، ولذلك جاءت غير معطوفة على الجملة قبلها، فلا يناسب العطف بخلاف الجملتين الأوليين، فإن كل جملة منهما مغايرة للأخرى، ومخصصة بحكم ليس في الأخرى، ولما كان تكليف النفس فوق الطاقة، ومضارة أحد الزوجين الآخر مما يتجدد كل وقت، أتى بالجملتين فعليتين، أدخل عليهما حرف النفي الذي هو : لا، الموضوع للاستقبال غالباً، وفي قراءة من جزم : لا تضار، أدخل حرف النهي المخلص المضارع للاستقبال، ونبه على محل الشفقة بقوله : بولدها، فأضاف الولد إليها، وبقوله : بولده، فأضاف الولد إليه، وذلك لطلب الاستعطاف والإشفاق. وقدم ذكر عدم مضارة الوالدة على عدم مضارة الوالد مراعاة للجملتين الأوليين، إذ بدىء فيهما بحكم الوالدات، وثنى بحكم الوالد في قوله : لا تضار، دلالة على أنه إذا اجتمع مؤنث ومذكر معطوفان، فالحكم في الفعل السابق عليهما للسابق منهما، تقول : قام زيد وهند وقامت هند وزيد، ويقوم زيد وهند، وتقوم هند وزيد، إلاَّ إن كان المؤنث مجازياً بغير علامة تأنيث فيه فيحسن عدم إلحاق العلامة، كقوله تعالى :﴿وجُمع الشمس والقمر﴾. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٢٦﴾
قوله تعالى :﴿وَعَلَى الوارث مِثْلُ ذلك﴾
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿وَعَلَى الوارث مِثْلُ ذلك﴾ فاعلم أنه لما تقدم ذكر الولد وذكر الوالد وذكر الوالدات احتمل في الوارث أن يكون مضافاً إلى واحد من هؤلاء، والعلماء لم يدعوا وجهاً يمكن القول به إلا وقال به بعضهم.