القول الثالث : المراد من الوارث الباقي من الأبوين، وجاء في الدعاء المشهور : واجعله الوارث منا، أي الباقي وهو قول سفيان وجماعة.
القول الرابع : أراد بالوارث الصبي نفسه الذي هو وارث أبيه المتوفى فإنه إن كان له مال وجب أجر الرضاعة في ماله، وإن لم يكن له مال أجبرت أمه على إرضاعه، ولا يجبر على نفقة الصبي إلا الوالدان، وهو قول مالك والشافعي.
أما قوله تعالى :﴿مِثْلُ ذلك﴾ فقيل من النفقة والكسوة عن إبراهيم، وقيل : من ترك الإضرار عن الشعبي والزهري والضحاك، وقيل : منهما عن أكثر أهل العلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٠٤ ـ ١٠٥﴾
قال ابن عاشور :
وحقيقة الوارث هو من يصير إليه مال الميت بعد الموت بحق الإرث.
والإشارة بقوله ﴿ذلك﴾ إلى الحكم المتقدم وهو الرزق والكسوة بقرينة دخول على عليه الدالة على أنه عديل لقوله :﴿وعلى المولود له رزقهن﴾ وجوز أن يكون ﴿ذلك﴾ إشارة إلى النهي عن الإضرار المستفاد من قوله :﴿لا تضار والدة بولدها﴾ كما سيأتي، وهو بعيد عن الاستعمال ؛ لأنه لما كان الفاعل محذوفاً وحكم الفعل في سياق النهي كما هو في سياق النفي علم أن جميع الإضرار منهي عنه أياً ما كان فاعله، على أن الإضرار منهي عنه فلا يحسن التعبير عنه بلفظ على الذي هو من صيغ الإلزام والإيجاب، على أن ظاهر المِثل إنما ينصرف لمماثلة الذوات وهي النفقة والكسوة لا لمماثلة الحكم وهو التحريم.
وقد علم من تسمية المفروض عليه الإنفاق والكسوة وارثاً أن الذي كان ذلك عليه مات، وهذا إيجاز.
والمعنى : فإن مات المولود له فعلى وارثه مثل ما كان عليه فإن على الواقعة بعد حرف العطف هنا ظاهرة في أنها مثل على التي في المعطوف عليه.


الصفحة التالية
Icon