وقوله :﴿إذا تراضوا بينهم بالمعروف﴾ شرط للنهي، لأن الولي إذا علم عدم التراضي بين الزوجين، ورأى أن المراجعة ستعود إلى دخل وفساد فله أن يمنع مولاته نصحاً لها، وفي هذا الشرط إيماء إلى علة النهي : وهي أن الولي لا يحق له منعها مع تراضي الزوجين بعود المعاشرة، إذ لا يكون الولي أدرى بميلها منها، على حد قولهم في المثل المشهور " رضي الخصمان ولم يرض القاضي". أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٢٧﴾
بحث نفيس للعلامة الجصاص فى النكاح بغير ولى
قال رحمه الله :
وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ وُجُوهٍ عَلَى جَوَازِ النِّكَاحِ إذَا عَقَدَتْ عَلَى نَفْسِهَا بِغَيْرِ وَلِيِّ وَلَا إذْنِ وَلِيِّهَا : أَحَدُهَا إضَافَةُ الْعَقْدِ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ إذْنِ الْوَلِيِّ.
وَالثَّانِي : نَهْيُهُ عَنْ الْعَضْلِ إذَا تَرَاضَى الزَّوْجَانِ.
فَإِنْ قِيلَ : لَوْلَا أَنَّ الْوَلِيَّ يَمْلِكُ مَنْعَهَا عَنْ النِّكَاحِ لَمَا نَهَاهُ عَنْهُ كَمَا لَا يُنْهَى الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي لَا وِلَايَةَ لَهُ عَنْهُ.
قِيلَ لَهُ : هَذَا غَلَطٌ ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقٌّ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ فَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إثْبَاتِ الْحَقِّ ؟ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوَلِيَّ يُمْكِنُهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَالْمُرَاسَلَةِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ الْعَضْلِ مُنْصَرِفًا إلَى هَذَا الضَّرْبِ مِنْ الْمَنْعِ ؛ لِأَنَّهَا فِي الْأَغْلَبِ تَكُونُ فِي يَدِ الْوَلِيِّ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ
مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ.