وقد جعل الله عدة الوفاة منوطة بالأمد الذي يتحرك في مثله الجنين تحركاً بيناً، محافظة على أنساب الأموات ؛ فإنه جعل عدة الطلاق ما يدل على براءة الرحم دلالة ظنية وهو الأقراء على ما تقدم ؛ لأن المطلق يعلم حال مطلقته من طهر وعدمه، ومن قربانه إياها قبل الطلاق وعدمه، وكذلك العلوق لا يخفى فلو أنها ادعت عليه نسباً وهو يوقن بانتفائه، كان له في اللعان مندوحة، أما الميت فلا يدافع عن نفسه، فجعلت عدته أمداً مقطوعاً بانتفاء الحمل في مثله وهو الأربعة الأشهر والعشرة، فإن الحمل يكون نطفة أربعين يوماً، ثم علقة أربعين يوماً، ثم مضغة أربعين يوماً، ثم ينفخ فيه الروح، فما بين استقرار النطفة في الرحم إلى نفخ الروح في الجنين أربعة أشهر، وإذ قد كان الجنين عقب نفخ الروح فيه يقوى تدريجاً، جعلت العشر الليالي الزائدة على الأربعة الأشهر، لتحقق تحرك الجنين تحركاً بيناً، فإذا مضت هذه المدة حصل اليقين بانتفاء الحمل ؛ إذ لو كان ثمة حمل لتحرك لا محالة، وهو يتحرك لأربعة أشهر، وزيدت عليها العشر احتياطاً لاختلاف حركات الأجنة قوة وضعفاً، باختلاف قوى الأمزجة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٤٢﴾
وقال القرطبى :