وأما السكاكي فقد جعل بعض التعريض من الكناية وهو الأصوب، فصارت النسبة بينهما العموم والخصوص الوجهي، وقد حمل الطيبي والتفتازاني كلام " الكشاف" على هذا، ولا إخاله يتحمله.
وإذ قد تبين لك معنى التعريض، وعلمت حد الفرق بينه وبين الصريح فأمثلة التعريض والتصريح لا تخفى. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٥٠ ـ ٤٥١﴾
فصل
قال الفخر :
النساء في حكم الخطبة على ثلاثة أقسام
أحدها : التي تجوز خطبتها تعريضاً وتصريحاً وهي التي تكون خالية عن الأزواج والعدد لأنه لما جاز نكاحها في هذه الحالة فكيف لا تجوز خطبتها، بل يستثنى عنه صورة واحدة، وهي ما روى الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ أنه قال :" لا يخطبن أحدكم على خطبة أخيه " ثم هذا الحديث وإن ورد مطلقاً لكن فيه ثلاثة أحوال.
الحالة الأولى : إذا خطب امرأته فأجيب إليه صريحاً ههنا لا يحل لغيره أن يخطبها لهذا الحديث.
الحالة الثانية : إذا وجد صريح الإباء عن الإجابة فههنا يحل لغيره أن يخطبها.
الحالة الثالثة : إذا لم يوجد صريح الإجابة ولا صريح الرد للشافعي ههنا قولان أحدهما : أنه يجوز للغير خطبتها، لأن السكوت لا يدل على الرضا والثاني : وهو القديم وقول مالك : أن السكوت وإن لم يدل على الرضا لكنه لا يدل أيضاً على الكراهة، فربما كانت الرغبة حاصلة من بعض الوجوه فتصير هذه الخطبة الثانية مزيلة لذلك القدر من الرغبة.
القسم الثاني : التي لا تجوز خطبتها لا تصريحاً ولا تعريضاً، وهي ما إذا كانت منكوحة للغير لأن خطبته إياها ربما صارت سبباً لتشويش الأمر على زوجها من حيث أنها إذا علمت رغبة الخاطب فربما حملها ذلك على الامتناع من تأدية حقوق الزوج، والتسبب إلى هذا حرام، وكذا الرجعة فإنها في حكم المنكوحة، بدليل أنه يصح طلاقها وظاهرها ولعانها، وتعتد منه عدة الوفاة، ويتوارثان.