وقد ذكرنا أنه لا يحتاج إلى تقدير محذوف قبل لكن، بل الاستدراك جاء من قبل قوله : ستذكرونهن، ولم يأمر الله تعالى بذكر النساء، لا على طريق الوجوب، ولا الندب، فيحتاج إلى تقدير : فاذكروهن، على ما قررناه قبل قولك : سألقاك ولكن لا تخف مني، لما كان اللقاء من بعض أحواله أن يخاف من الملقي استدرك فقال : ولكن لا تخف مني. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٣٦﴾
سؤال : ما معنى السر ؟.
والجواب : أن السر ضد الجهر والإعلان، فيحتمل أن يكون السر ههنا صفة المواعدة على شيء : ولا تواعدوهن مواعدة سرية ويحتمل أن يكون صفة للموعود به على معنى ولا تواعدوهن بالشيء الذي يكون موصوفاً بوصف كونه سراً، أما على التقدير الأول وهو أظهر التقديرين، فالمواقعة بين الرجل وبين المرأة على وجه السر لا تنفك ظاهراً عن أن تكون مواعدة بشيء من المنكرات،
وههنا احتمالات
الأول : أن يواعدها في السر بالنكاح فيكون المعنى أن أول الآية إذن في التعريض بالخطبة وآخر الآية منع عن التصريح بالخطبة
الثاني : أن يواعدها بذكر الجماع والرفث، لأن ذكر ذلك بين الأجنبي والأجنبية غير جائز، قال تعالى لأزواج النبي ﷺ :﴿فَلاَ تَخْضَعْنَ بالقول﴾ [ الأحزاب : ٣٢ ] أي لا تقلن من أمر الرفث شيئاً ﴿فَيَطْمَعَ الذى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ [ الأحزاب : ٣٢ ]
الثالث : قال الحسن :﴿ولكن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً﴾ بالزنا طعن القاضي في هذا الوجه، وقال : إن المواعدة محرمة بالإطلاق فحمل الكلام ما يخص به الخاطب حال العدة أولى.
والجواب : روى الحسن أن الرجل يدخل على المرأة، وهو يعرض بالنكاح فيقول لها : دعيني أجامعك فإذا أتممت عدتك أظهرت نكاحك، فالله تعالى نهى عن ذلك
الرابع : أن يكون ذلك نهياً عن أن يسار الرجل المرأة الأجنبية، لأن ذلك يورث نوع ريبة فيها
الخامس : أن يعاهدها بأن لا يتزوج أحداً سواها.
أما إذا حملنا السر على الموعود به ففيه وجوه